يشكِّل ازدحام المدن الكبيرة همّاً يومياً لكلِّ من ينوي الخروج من بيته موظفاً كان أو مراجعاً لمستشفى أو كان متسوقاً أو زائراً أو حتى متنزهاً!
وفي الآونة الأخيرة أصبح من الحكمة قضاء مصالحك من بيتك عبر مكالمة هاتفية أو من خلال الإنترنت لاسيما عند التسوُّق، أو الرغبة بتناول وجبة غذائية يمكن توصيلها إلى منزلك! فعدا عن الازدحام المرير، والتوتُّر المصاحب لها؛ يأتي التلوّث البيئي بسبب عوادم السيارات حائلاً دون استمتاعك أو قضاء حوائجك!
وحقاً بت أرحم من ينوي الخروج من منزله في مدينة كالرياض، سواء بمجابهة أرتال السيارات التي تجوب المدينة أو بتحمُّل السائقين المتهوّرين الذين لا يحترمون غيرهم، ولا يقيمون وزناً لبقية خلق الله ممن يقاسمونهم حقّ الطريق.
وأضحى من النادر أن أخرج من منزلي والعودة له دونما مشاهدة حوادث تصادم سيارات أو انقلاب مركبات عند إحدى الإشارات أو المنعطفات، بسبب التهوّر وسوء تخطيط الطرق بمداخلها ومخارجها !
وتبقى ثقافة استخدام الطريق وقيادة السيارة معضلة أمام كمٍّ هائل من البشر لا يحسنون التعامل معها برغم ندرة وجود المشاة! فعادة التفحيط التي يزاولها الشباب تربك الناس وتحيلهم إلى أسرى في حرب الشوارع اليومية.
ناهيك عن السيارات المتهالكة للوافدين التي تتعطّل وتقف في وسط الطريق مضيفة ازدحاماً لا يُطاق، فضلاً عن سيارات الأجرة الجوّالة لاصطياد الركاب! وذلك الذي يسير ببطء مميت في طريق سريع فيعيق سير المرور! ولعلّ كثيراً منا أحال سيارته لكافتيريا متنقلة تحوي ثلاجة صغيرة بداخلها مرطبات وفطائر لقطع ملل الطريق والازدحام القاتل، بالإضافة للتحدّث بالجوالات لساعات طويلة.
ولئن فشلت التوعية كما فشلت الخطط المرورية الحازمة في قمع إرهابيي الشوارع وردّهم عن سفاهتهم، فلم يبق إلاّ أن تجلس في بيتك حتى يقضي الله بينك وبين من يريد بك سوءاً.
لقد فرض الازدحام المروري إيقاعه على حياتنا اليومية وأصبح يشكِّل تغيراً في سلوكنا الاجتماعي، فجعلنا نفضّل قضاء عطلة نهاية الأسبوع في البيوت، على الخروج في رحلات وزيارة الأصدقاء أو التنزُّه في الحدائق، وحرم أطفالنا من بهجة العطلات.
وهذا الازدحام المروري اليومي يشعر المرء بالضغط والتوتُّر، وهو من ضمن الأسباب المؤدية لتقلُّب المزاج، والتأثير السلبي على الصحة العامة وضعف الإنتاجية.
وبلادنا ليست بدعاً بكثرة أعداد السيارات، فغيرها كثير تضاهينا وتزيد، ولكنها تمتلك استراتيجية لاتساع المدن وإيجاد الحلول المتزامنة مع المشكلة.
ولعلّه آن الأوان لوقف سيارات الأجرة من التجوال والاكتفاء بطلبها عبر الهاتف حسب مراكز الأجرة، ومنع بعض العمالة من تملُّك سيارات أو قيادتها لتقليل الزحام وفك الاختناقات المرورية، في الوقت الذي نرجو أن يقيّض الله لهندسة المرور في طرق وشوارع الرياض من ينتشلها من وضعها الحالي لوضع أقل مأساوية وأشمل أمناً.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny