ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي «يراوح» عندها الكاتب (وائل القاسم) بقلمه فلا يجد ما يكتب عنه سوى الكتابة عن المتدينين، والسينما والمرأة، وقيادة السيارة، وهي نفس الأسطوانة التي درج عليها الليبراليون عزفاً ورقصاً وطرباً، وكأن قضايا الوطن انتهت حلاً، وقضايا المرأة أصبحت في حكم الماضي، وتركنا المتربصين بنا وبالوطن الدوائر يعبثون، وانشغلنا بقضايا السينما ورياضة المرأة وغيرها!!
أقول لأخي وائل القاسم: إننا كلنا نسلّم بما قلت بأن «التطرف» مرفوض شكلاً ومضموناً، ولكنك حصرت التطرف في المتدينين، وشرّقت وغرّبت، حتى تطاولت على سنة المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، «إعفاء اللحية، وقصر الثوب» ووظفتها كسخرية من المتدينين في مقالك المعنون بـ»الأقوى من جميع المؤهلات» في الجزيرة الثقافية، فإذا كان مطلبك بعدم التطرف من جانب المتدينين وأنا معك، فليتك طالبت أصحاب (التيار الليبرالي) بعدم التطرف والغلو في أفكارهم، فلا يجوز من التيار الليبرالي وهم أقلية قليلة (بفرض أفكارهم التغريبية) على مجتمع تميز بأكمله بفطرته الدينية، على وطن له خصوصية مكانية وزمانية يريد البعض نفيها، وإذا كنت تطلب وتطالب بصدور قرارات تعمل على وقف الفتوى على العلماء المعتبرين، ونحن معك لوقف فوضى الفتوى، فمن الإنصاف ليتك طالبت أصحاب التيار الليبرالي (بعدم خوض مجال الفتوى) عندما أقحم كثيرون أنفسهم في ميدانها، وأفتوا وهم ليسوا أصحاب علم شرعي يؤهلهم للفتيا، فقللوا من شأن الاختلاط، وجوّزوا خروج المرأة بدون محرم، وقاتلوا بمقالاتهم من أجل أن تقود المرأة السيارة، وأن تلعب الرياضة، وتحضر إلى المدرجات في الملاعب، وتمثل وتغني! وأن ليس في كل هذه الأمور ما يمنع، حتى إن أحدهم عرض رأيه بأن تمارس المرأة السعودية السباحة في أولمبياد لندن 2012م بما أسماه «بالمايوه الشرعي»!!
أخي وائل القاسم.. وأنت تعلم أني كنت (أول من غرّد) بعد تغريدتك وعدْ لها في موقعي بالتويتر لتقرأها إن شئت، لكن ليست هذه القضية، القضية لا تحاول أن تظهر بأن أصحاب التيار الديني لا يفهمون في قضايا معاصرة، ويجهلون التقنية، وأنهم غير مؤهلين وأقل كفاءة لما يشغلونه من مهام، وأنت تعلم بأنهم تفوقوا في ميادين متنوعة، حتى التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي سادت لهم، وتحاول في نفس الوقت أن تبرز أصحابك من أهل التيار الليبرالي، في محاولة لتزكيتهم، وأنهم المؤهلون وأصحاب كفاءات، وهم أكثر نزاهة وصفاء ونقاء من غيرهم! فما تقوله لا يصب في خانة (رص الوحدة والتقارب والتآلف من أجل الوقوف في وجه أعداء الوطن من المتربصين في الداخل والخارج). إن أختم بشيء لأطمئنك فأختم بقولي: إني أمقت التطرف في جانبيه، وأميل إلى الوسطية في أوسع أشكالها، من إيماني بأن الدين وسطي، وأن الغلو مرفوض، فلا تحاول أن تزايد بأفكارك وأنت تبدي التحيز لليبرالية، والتطرف لأفكارك التغريبية.
محمد إبراهيم فايع