لم تكن مجرد سعادة عابرة تلك التي شعرنا بها جميعاً حينما أطلق اسم الأديب والكاتب فهد المارك على شارع في مدخل مدينة طولكرم الفلسطينية، بل هي مشاعر الفخر أن يكون من أجدادنا من هو مناضل ومجاهد قاد فوجاً في حرب 48 ضد جيش الاحتلال، وصد الظلم والعدوان على الأراضي العربية الفلسطينية، ثم قاد حملات التبرعات للشعب الفلسطيني.
الراحل فهد المارك، والذي شارك في معارك المالكية شمال فلسطين، عيّنه المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله ملحقاً دبلوماسياً في السفارة السعودية بدمشق عام 1950م، كما عيّنه الملك فيصل ممثلاً متفرغاً له في الاتصال مع حركة فتح الفلسطينية منذ انطلاقها، بل كان أول مندوب سعودي في دمشق لمكتب مقاطعة إسرائيل. وهي مناصب وتكليفات لم تكن لتأت لولا ثقافة المارك ووعيه بأهمية القضية الفلسطينية، وشعوره العربي النبيل وسعيه لرفع الظلم الذي نال الشعب الفلسطيني.
ربما معظمنا عرف المارك كمؤلف استطاع أن يضع كتاباً من أهم كتب رواد الأدب والثقافة في البلاد، وهو كتابه القيم «من شيم العرب» الذي ضم قصصاً مختلفة، مشوّقة ومؤثرة، صاغها من واقع الثقافة العربية الأصيلة، وأعيدت طباعة الكتاب أكثر من مرة، وتداوله معظم أبناء جيلنا، مثله مثل كتاب «أساطير شعبيه من الجزيرة العربية» لعبدالكريم الجهيمان رحمهما الله.
صحيح أننا سعدنا كثيراً بتكريم المارك فلسطينياً، لكننا أيضا نطمح إلى تكريمه محلياً، فالرجل يرحمه الله، كان مجاهداً وأديباً ورجل دولة، خدم وطنه في عدة مناصب، وفي مرحلة مبكرة من تأسيس البلاد، وكان أيضا من ضمن الكتَّاب والأدباء الرواد، الأمر الذي يجعل تكريمه أمراً واجباً عليناً، كأن يطلق اسمه على أحد الشوارع في البلاد، وربما تكريماً له، وللمدينة التي ولد وترعرع فيها، مدينة حائل، يكون من المناسب أن يطلق اسمه على أحد الشوارع هناك، ولعل إدراج اسمه في المقررات الدراسية، خاصة ضمن الموضوعات التي تتناول القضية الفلسطينية، أمر يستحق المبادرة. فلا أعتقد أنه أقل أهمية وشأناً من شاعر يخلد اسمه في مقررات النصوص والأناشيد، لأنه كتب قصيدة عن فلسطين، فخوض المعارك والتعرض للموت دفاعاً عن فلسطين أهم كثيراً من كتابة القصائد.
ولعل أوجه التكريم كثيرة، خاصة لمن لهم دور كبير في شؤون السياسة والدين والثقافة والأدب، ولعل الأمر يكون أكثر أهمية، حين يكون لهؤلاء دور في تكريس اسم البلاد خارجياً، ومن بين أوجه التكريم التي لا تخفى على أحد، إطلاق أسماء هؤلاء على الشوارع والميادين والمكتبات والمدارس والجامعات وغيرها، وهو موجود بالفعل، خاصة أن معظم أسماء هؤلاء تزين حياتنا اليومية وتذكرنا بهم، وذلك في الشوارع والمراكز الثقافية والقاعات الجامعية، كحمد الجاسر وأحمد السباعي وعبدالله بن خميس وغازي القصيبي وغيرهم كثير، لكن ما يُنسى من هؤلاء المؤثرين يجعلنا نذكّر بهم الجهات المختصة، سواء لجنة تسمية الشوارع والميادين في المحافظات، أو الجامعات ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي وغيرها.