تخبرنا مجزرة التريمسة عن عدد الشهداء الذين قُتلوا فيها، حتى تحولت تلك الحادثة إلى ما يرقى إلى جريمة حرب ضد الإنسانية، بسبب صبغتها الشوفينية، وذهنيتها العنصرية المقيتة، - كونها - تُشكّل جزءاً من جرائم الإبادة الجماعية، الأمر الذي سيجعل من أصحاب الضمير الحي، الاستمرار في مواصلة فضح هذه السياسات القذرة، والكشف على الأدوات التي استخدمها النظام في قتل هذا العدد الهائل من المدنيين، وفضح خلفياتها، وعواقبها للمجتمع الدولي.

حملة التضليل المتعمدة التي يستخدمها النظام السوري، لم يكن هدفها سوى العمل على إخفاء معالم جرائمه عن الرأي العام العالمي، أو محاولة تبريرها - كالعادة -، أو عدم الاعتراف بوقوع تلك الجرائم. فالنظام يقف ضد من يعارضه، أو يختلف معه، أو حتى يشك في ولائه، ضارباً عرض الحائط كل المواثيق، واللوائح الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ظناً منهم: أنها حرب استباقية فُرضت عليهم، نتيجة تقديراتهم الخاطئة بكل المعايير - إنسانياً وقانونياً -.

لسنا بحاجة إلى التأكيد على: أن ما يحدث في سوريا، هو جرائم حرب ضد الإنسانية بامتياز، - سواء - كان ذلك قتلاً متعمداً، أو تدميراً وحشياً واسعاً للممتلكات، وذلك بموجب القانون الدولي الجنائي، ومخالفته البند السابع من معاهدة روما عام 1998 م، بل تُعتبر جرائم حرب بموجب البند الثامن من تلك المعاهدة، وبموجب اتفاقية جنيف عام 1949 م.. - وبالتالي - لا يمكن أن تتقادم تلك الجرائم البشعة بمرور الزمن، بل لا بد من تقديم المسؤولين عنها؛ لمحاكمة أيديولوجيتهم الفاشية، وأيديهم الملطخة بدماء الأبرياء، وعقولهم المريضة، - تماماً - كما رُفضت مجازر التطهير الأخرى، التي حدثت في أماكن أخرى من العالم، وقُدم مجرموها إلى محاكمات عادلة.

هل لا نزال نطالب بإجراء تحقيق دولي مستقل، وفعّال في مجزرة التريمسة، وذلك بموجب المعايير الدولية، والقائمة على الحيادية، والاستقلالية، والشفافية؟، أم أننا سنستوقف الدوائر السياسية المتخاذلة؛ لنعبر عن استيائنا من الجرائم البشعة، التي تحدث على مرأى من العالم؟، ونحن نعلم - مسبقاً - أنها ستكتفي بإصدار البيانات، والتصريحات دون أن تحرك ساكناً، أو أن تمارس دورها السلبي أمام مشاهد القتل اليومي، ونحن لا نملك سوى تقديم الاعتذار الشديد لتلك الدماء الزكية.