|
يؤمن المسلم بأن البقاء لله وحده، وأن كل نفس ذائقة الموت. هذا جزء من إيمان المسلم بربه وملائكته وكتبه ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره من الله تعالى. ولهذا الإيمان يتقبل المؤمن فاجعة موت قريب أو صديق. وهذا ما حصل لي مع وفاة معالي الشيخ فهد بن سعود الدغيثر، مدير عام معهد الإدارة العامة، الذي وصلني خبرها برسالة جواله -رحمه الله- صباح السبت 24-8-1433هـ. لقد صدمني الخبر، وهزتني الفاجعة، فالرجل له مكانة خاصة في قلبي وفي نفسي، ذلك أنني تتلمذت في الإدارة على يديه، فالتحقت في المعهد في شهر رمضان 1386هـ حاملاً الثانوية العامة، وانتسبت إلى جامعة الملك سعود في كلية التجارة وإدارة الأعمال بدعم وتشجيع من معاليه، ثم تبنى بعثتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية حتى حصلت على الماجستير في إدارة الأعمال. كان المرحوم صاحب أسلوب إداري مميز، فكان محافظاً على الدوام، مخلصاً في العمل، مدركاً للحاضر ومستجدات المستقبل، كثير القراءة والاطلاع والبحث، محباً لوطنه، أميناً عادلاً ومشجعاً مع العاملين تحت إدارته. لقد بذل جهوداً كبيرة في إصلاح الإدارة السعودية، وكان عضواً فاعلاً في اللجنة العليا للإصلاح الإداري التي كان يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله، وحقق نجاحات كبيرة في ذلك، كما عهد إليه -رحمه الله- صاحب السمو الأمير مساعد بن عبد الرحمن وزير المالية إعادة تنظيم مصلحة الجمارك التي كانت تعاني من الكثير من المشكلات، وقد وفقه الله إلى إعادة تنظيمها بالطريقة التي خدمت البلاد والعباد. كان -رحمه الله- حريصاً على أن يحقق المعهد أهدافه في التدريب والتنظيم والبحوث والاستشارات، وكان يتابع تحقيق هذه المنجزات يومياً، كما كان حريصاً على مد ودعم الأجهزة الحكومية بالكفاءات الشابة المخلصة من مبتعثي المعهد، ولم يكن كغيره يبخل بهؤلاء ويبقيهم تحت إدارته ويسجل منجزاتهم وعطاءاتهم لحسابه.، وهناك العشرات من الزملاء الذين دعم المعهد بهم العديد من الأجهزة مثل وزارة المالية، وديوان الخدمة، وزارة الخدمة المدنية، مجلس الوزراء، الحرس الوطني وغيرها. منجزات معاليه أكثر من أن تُحصر في مقالة رثاء، ولكنني أكتفي بما ذكرت، منوهاً أنه كان من القادة الإداريين المميزين في مسيرة هذه البلاد الإدارية، لما كان له من دور كبير في تدريب موظفي الدولة، وفي الإصلاح الإداري، في البحوث والاستشارات وفي غير ذلك. لقكانت الصدمة قوية حيث إنه كان محافظاً على نفسه وممارساً يومياً للرياضة، ومبتعداً عن المخاطر، ولكنها أقدار الله. رحم الله معالي الشيخ فهد بن سعود الدغيثر وأسكنه فسيح جناته، وعظم الله الأجر لعائلته وأسرته وأصدقائه ومعارفه.
إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .
(*) وكيل الحرس الوطني وعضو مجلس الشورى سابقاً