في الوقت الذي تنتقد فيه دول العالم - عدا دولتين -، موقف روسيا إزاء الأزمة السورية، فإنها تتجرأ - مرة أخرى - على التدخل في شؤون المملكة؛ لتؤكد مهزلتها في اللعب على الأوراق، وتآكل ضميرها الأخلاقي، والسياسي لدى قادة الكرملين، وإلا فإن التعامل الروسي مع الحالة السورية، يعكس حقيقة موقفها، وهو: الحفاظ على مصالحها الخاصة،
والحفاظ على موقعها كقوة عظمى في العالم، وذلك في إطار مبدأ: “نظام تعدد الأقطاب”، وأن يكون لها موطئ قدم في منطقة الشرق الأوسط، من خلال تحالفات إقليمية معروفة، والحصول على عوائد مالية بعدة مليارات من الدولارات. على الرغم من المواقف الإيجابية العربية تجاه روسيا، إلا أن الحكومة الروسية لم تتخذ موقفاً إيجابياً تجاه تطلعات الشعوب، وحكومات الاعتدال العربي.
وتأمَّل على سبيل المثال: موقفها المستغرب من الأزمة السورية، وإصرارها على دعم النظام السوري في التنكيل بشعبه، واستخدامها حق الفيتو؛ للحيلولة دون إصدار قرار إدانة من قِبل مجلس الأمن للنظام البعثي.
بل إنه بالغ في الإساءة للضمير الإنساني، حين حثّ شركاءه في مجلس الأمن على تأييد مشروع قرار، لا يتضمن أي تهديد لدمشق في حالة عدم الإذعان. وتلك مواقف مخالفة - بلا شك - لمبادئ حقوق الإنسان، حين عرقلت حماية الشعب السوري، وعززت النظام الدموي الاستبدادي، وعطلت قرارات مجلس الأمن.
الموقف الروسي الداعم لنظام الأسد - سياسياً وعسكرياً -، وفّر له غطاءً على مدى أكثر من عام، ونصف العام؛ من أجل إخماد الثورة السورية بالقوة.
وهي رسالة واضحة على التعامل الخاطئ لروسيا مع الانتفاضة الشعبية السورية، والتي تكمن أساساً في كونها تخالف فطرة الإنسان، والتمسك بظاهرة الطغيان، والتشبث بالسلطة، ما أدى إلى بزوغ ظاهرة القمع، والاستبداد.
مع أن الواجب في هكذا وضع، هو اتخاذ كافة التدابير المشتركة؛ لمنع الأسباب التي تهدد السلم؛ لإزالته، وقمع أعمال العدوان الظالم، وفقاً لمبادئ العدل، والقانون الدولي.
قبل أن ترمي روسيا الاتهامات جزافاً على الدول، كان الأولى بها أن تحدثنا: عما جرى في بلادها من قمع الأقليات المسلمة في القوقاز، والتركستان، وآسيا الوسطى.
وعن فظائع الاستعمار الروسي في القرم، وشمالي القفقاس، وما أوقعته من قتل، وفتك، وسلب، ونهب.بل ما زلنا نذكر، ما حدث في عهد غورباتشوف، وذلك بعد اندلاع الحروب الطائفية في القوقاز، وجورجيا، وأرمينيا، وأذربيجان، حين تمت عملية تهجير جديدة في سرية تامة، بحيث جرى نقل أكثر من مليوني شخص من هذه المناطق إلى آسيا الوسطى، إضافة إلى ما فعله جنودها ضد الشعبين الأفغاني والشيشاني.
إن من يختار تكوين محور شر، لا بد أن يُواجه بما يستحق.
وعند التأمل: سنجد أن رصيد حقوق الإنسان في روسيا غير مشرف، فالتاريخ وحده يحفظ وسائلهم القمعية، كما يحفظ أسماء من ذهبوا ضحايا الصدع بكلمة الحق.
drsasq@gmail.com