لم يكن اختيار صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء إلى جانب وزارته للدفاع، اختياراً مستغرباً أو مفاجئاً إلا لدى من يجهل العلاقة بين القيادة السعودية الحكيمة وشعبها العريق الوفي المعروف بصدق ولائه ومعرفته بطبيعة الحكم في بلده وثقته بأركان دولته، كما يبدو مفاجئاً لدى من لا يعرف الخصائص القيادية الرئيسة في شخصية الأمير سلمان، ولا يعي ظروف المرحلة الزمنية الراهنة التي تتطلب رجل دولة يتمتع بتلك الخصائص المعتبرة، التي تشكل ملامح شخصيته وتعاملاته اليومية، أولها وأهمها هي (الدراية السياسية) من واقع معاصرته لستة ملوك تعاقبوا على حكم المملكة، أولهم والده المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يرحمه الله، الذي يُعتبر مدرسة فريدة في الفكر السياسي وعبقرية عربية في إدارة نظام الحكم، إضافة إلى تمتع سموه بعلاقاته قوية ومتنوعة مع شخصيات عالمية، ودول نافذة ومؤثرة في القرار الدولي، ما جعل قرار تعيينه يلقى ترحيباً دولياً واضحاً، كما هناك (الخبرة الإدارية) التي تشهد بها إداراته الحكيمة ولفترة طويلة لأهم إمارة بين المناطق السعودية الثلاث عشرة، وهي إمارة منطقة الرياض (العاصمة) مركز الحكم وقلب الدولة. وبين الدراية السياسية التي تعكس الفضاء الخارجي، والخبرة الإدارية التي تعكس الفضاء الداخلي، تتجلى (العقلية القيادية) لدى سلمان في قوة صنع القرار وإصداره بكل أبعاده، فكلمته إمضاء وتوقيعه اعتماد وأمره تطبيق بالغ النفاذ، ثم تأتي (الخلفية الثقافية) التي ُتعد من مكونات شخصيته الفذة بحكم عمق ثقافته العربية الإسلامية الأصيلة وسعة اطلاعه، وارتباطه بعلاقات متينة وتفاعلات مستمرة بمؤسسات الدولة القائمة على الواقع الإعلامي والشأن الثقافي والمجال الفكري، ما أدى إلى تشكل علاقة خاصة بين سموه الكريم وبين الكتاب والإعلاميين والمفكرين داخل المملكة وخارجها. أيضاً لديه (المعرفة الاجتماعية)، وهي التي تعتبر من أبرز سمات شخصيته بين جموع الناس من مواطنين ومقيمين، الذين تعاملوا معه أو سمعوا عنه، فلديه دراية تامة وعقلية واعية بالمجتمع السعودي، سواءً على مستوى تركيبته السكانية وتنوع أعراقها، أو على مستوى أحواله الاجتماعية وتباين عاداته وتقاليده المتوارثة، لهذا لم يكن مستغرباً أن يرتبط اسم سموه بأعمال الهيئات الإغاثية والجمعيات الخيرية والإنسانية العاملة داخل المملكةخارجها، وأن يكون مجلسه الأسبوعي مقصد ذوي الحاجات وأصحاب المطالب والحقوق.
هذه أبرز خصائص شخصية سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله)، التي تجعله أهلاً وقدراً لمنصب ولاية العهد، بل تؤكد أنه رجل دولة مميز وعنوان مرحلة مختلفة، خاصة في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها الأمة العربية بشكل عام، والمملكة بحكم مكانتها الإسلامية وثقلها العربي ليست بمعزلٍ عن تلك الظروف وتأثيراتها المتنوعة، ما يجعلها في موقع السند ومحور الدعم لكل طارئ يدفع عن الأمة شراً أو يحقق لها خيراً. وإلى المجد يا وطني بقيادتك الحكيمة ورجالك المخلصين.
kanaan999@hotmail.comتويتر @moh_alkanaan