من السهل إدراك أن الجهود التي يبذلها الأمين العام السابق للأمم المتحدة والمبعوث الأممي للسلام في سوريا كوفي عنان من أجل إحياء خطته ذات النقاط الست لوقف إطلاق النار في سوريا ليست أكثر من محاولات عبثية. لقد مر حوالي ثلاثة شهور منذ أن قدم عنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا مسودة خطته التي يفترض أن يطبقها طرفا الصراع في سوريا. وكل ما حدث منذ ذلك الحين هو مزيد من العنف الذي أودى بحياة آلاف الضحايا الجدد وأغلبهم من المدنيين.
ومن بين الأسباب التي دفعت نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى التعامل مع خطة عنان بازدراء هو اعتقاده بأنه مادام يتمتع بالدعم الروسي فإن الغرب سيظل بلا أي قدرة على مواجهة قمعه الدموي للمعارضة. والحقيقة أن كلا من موسكو وطهران حريصتان على استمرار حكم الطائفة التي ينتمي إليها بشار الأسد على أساس أن ذلك يضمن مصالح الدولتين الإقليمية. النظام السوري يقدم دعما حيويا لمليشيات حزب الله اللبناني الموالي لإيران في حين أن القوات البحرية الروسية تستفيد بشدة من استخدام ميناء طرطوس السوري على البحر المتوسط باعتبارها قاعدة الإمداد الوحيدة للقطع البحرية الروسية في البحر المتوسط. ولكن انشقاق مناف طلاس القيادي في الحرس الجمهوري السوري والذي زامل بشار الأسد في الكلية الحربية يشير إلى أن التهديد الرئيسي لنظام الحكم السوري يأتي من الداخل وليس من الخارج. ورغم تجاهل دعوات عنان لوقف العنف فإن دمشق جددت بشكل مفاجئ اهتمامها بتحقيق السلام في سوريا. فقبل أيام قليلة قال عنان إنه أجرى محادثات «بناءة» مع الأسد بشأن إحياء اتفاق وقف إطلاق النار وطار إلى إيران لكي يدعم خطته ويقنع بها حكام طهران. لا شك أن دوافع المبعوث الدولي تستحق التقدير ولكن يبدو أنها تقوده إلى الفشل لأن الأسد لا يريد أكثر من شراء الوقت لتعزيز موقف نظامه في الداخل. ولكن استمرار انشقاق أقطاب نظام الحكم هو الأمل لإنهاء المأساة التي يعيشها الشعب السوري
افتتاحية (تيليجراف) البريطانية