لم تكن خطبة إمام، وخطيب المسجد الحرام - الدكتور - سعود الشريم - قبل أيام - بالمحافظة: “على الاستقرار، والأمن، وأنه مطلب دنيوي، باعتبار أن من يفقد الاستقرار، فهو في نقمة”، سوى تعزيز الشعور بالوطنية، وبنائه، وتقدمه، واستقراره،
وتوفير أمنه بمفهومه الشامل، - خصوصاً - الأمن الفكري الذي يحفظ المجتمعات، ويبعدها عن مزالق الفوضى، والاضطرابات؛ من أجل ضمان حياة سعيدة، وتوفير بيئة صالحة لعبادة الله، وتوحيده.
نحن - اليوم - أشد ما نكون فيه إلى البر بالوطن؛ حتى نصونه من مؤامرات عبثية، ونحميه من أي عدوان، - سواء - كان عدواً متربصاً بنا، أو طامعاً يتلمس الفرص - من خلال - مظاهرات فئوية، تريد الحصول على مكاسب آنية، ومنافع ذاتية؛ حتى أصبحوا - مع الأسف - مجرد رقم في معادلة غير مفهومة، عبث بمصيرهم المجهول. وهو ما يجعلنا نؤكد على: أن الإنسان، هو جوهر العملية الأمنية، بل هو نواة الأمن الداخلي، والخارجي.
للوطن في ديننا حرمة، ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - بيّن لنا: أن حب الوطن فطرة، فطر الله الناس عليها. وعندما أُخرج - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة مهاجراً، استمر حنينه إلى الأصل قائماً، وبقي حلم العودة إلى مكة يراوده في كل حين؛ مما يدل على أن الأديان - كافة - قررت حب الأوطان، كونها تخلق التصاقاً نفسياً حميمياً بهذه البقعة من الأرض، وتولد لدى الإنسان شعوراً بالاعتزاز بها، والتناغم معها، فنكون في نهاية المطاف استهدفنا البناء الإيجابي بأقصى درجات نجاحه. إذ إن الأوطان، لن تستقر دون أمن يخيم عليها، أو أمان يظللها.
لن نستطيع البحث عن أمن دون استقرار، وهذا ما أكد عليه خطيب المسجد الحرام في خطبته، حين قال: “إن الشغب لا يولد إلا خراباً، وهو ضد الاستقرار.. وأن هناك أدعياء، يتطرقون إلى مبدأ، يقوم على نظرية الفوضى الخلاقة، وهي مصطلح أجنبي، يسعى؛ للفوضى، وتغيير حكام الدول، وزرع الفتنة بين المسلمين”. ولئن كنا مضرب الأمثال - أمام العالم - في تحقق الأمن، والأمان، والتعايش السلمي، والوفاق الوطني بين شتى طوائفها، وقبائلها، فإن الحفاظ على مبادئ راسخة كهذه، لن يكون إلا بسد الثغرات، التي يمكن أن تحدث شرخاً فيها. ولذا، كانت الوحدة سنة كونية منظمة للحياة البشرية، وأصلاً من أصول الأديان كافة، ومقصداً عظيماً من مقاصد الإسلام.
الأمن مطلب أساس لجميع الناس، لاسيما - ونحن نعيش عصراً مدلهماً بالمتقلبات الفكرية، والتحديات السياسية، والمجتمعية، والمؤثرات الثقافية. وبغير هذا المبدأ، فإن السعادة التي ينجرّ إليها بعض المخدوعين خلف بصيصها، لا تعدو أن تكون مجرد سراب، يحسبه الضمآن ماءً؛ ولكي تكون الفكرة واضحة، فإن أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وما ترمي إليه من خير للبشرية جمعاء، هو الوقوف صفاً واحداً ضد أي عبث بمقدرات الوطن؛ حتى تتطابق نتائج حكمة الحفاظ على أمن الوطن مع مبادئه. ويتجلى ذلك في الهدف الأساس، الذي ترمي إليه أحكام الشريعة، وذلك - من خلال - الحفاظ على المقاصد الأساسية الخمسة، وهي - بلا شك - أساس عوامل قيام الدول، والحضارات، والمجتمعات.
drsasq@gmail.com