ما إن حصلت التفجيرات في مبنى الأمن القومي بسوريا، وتُوفي أربعة من أركان النظام، كان على رأسهم آصف شوكت، حتى ضجت وسائل التواصل الاجتماعي فرحاً مبشرة بسقوط النظام، وفي خضم هذه الفرحة بدأت الإشارات تترى بأن النظام ذاته قد يكون مهندس التفجير؛ إذ هناك من قال إن آصف شوكت ورفاقه ربما كانوا يخططون للقيام بانقلاب عسكري، يستطيع المجتمع الدولي أن يسوق رموزه بديلاً - ولو مؤقتاً - لعائلة الأسد، وهناك من رأى أن النظام رأى التخلص من بعض أركانه، وخصوصاً من تلطخت أيديهم بدماء السوريين؛ لأن الأنظمة الشمولية تفعل ذلك في بعض الأحيان، وهناك من بالغ وادعى أنهم ربما لم يقتلوا، بل تم إخفاؤهم! وستظل حقيقة ما جرى لغزاً، ربما تحل بعض خفاياه أحداث الأيام والأشهر القادمة.
لا جدال في أن الثورة السورية واحدة من أعظم الثورات، إن لم تكن أعظمها؛ فهي مواجهة مكشوفة بين شعب أعزل، ونظام شرس، لا يؤمن إلا بالقبضة الأمنية الصارمة سبيلاً وحيداً للحوار، والمؤكد هو أن الشعب السوري قال كلمته، ومضى في طريقه، وليس وارداً أن يتوقف بعد كل التضحيات الجسيمة، وخصوصاً أنه يعرف أنه متى ما توقف فهذا يعني أنه يحكم على نفسه بالإعدام. في خضم كل هذا، أصبحت سوريا ساحة تتصارع فيها القوى الدولية على المكشوف، رغم أن هناك من يؤمن بأن هناك إجماعاً دولياً على عدم الرغبة في سقوط نظام الأسد في الوقت الحالي على الأقل؛ لأن إسرائيل لا ترغب في ذلك، وسبق أن كتبت مقالاً مستقلاً عن هذا الموضوع، مــوثـــقاً بشهادات من قيادات عسكرية وسياسية إسرائيلية كبرى تؤكد هذا الأمر.
لا أحد يستطيع التنبؤ بنهاية هذه الثورة في ظل عدم قدرة المجتمع الدولي على توحيد كلمته، وعدم رغبته حتى في تسليح المعارضة، لكن المؤكد أن الثورة تتسع، والأحداث تتسارع بشكل كبير، لدرجة جعلت بعض الدوائر الغربية تتنبأ بخروجها عن السيطرة، وتأثيرها على الأمن الإقليمي والدولي، كما أن هناك مخاوف من استخدام النظام أسلحة محرمة، رغم استبعاد امتلاكه مثل هذه الأسلحة، وهو تحت الرقابة الصارمة لإسرائيل، ومتى ما نجحت الثورة فإن المخاوف مستمرة من أن تندلع الفوضى لمدة طويلة، في ظل الاحتقان الطائفي، وتشتت المعارضة، وإصرار إيران على ألا يُدمَّر مشروع هلالها بالكامل، فسوريا هي حجر الزاوية لهذا الهلال، الذي عملت إيران طويلاً على دعمه وتقويته على حساب الداخل الإيراني المنكوب. وفي الأخير، نتمنى ألا تطول معاناة السوريين، ولا يطول بقاء هذا النظام؛ لأن العالم سيكون - حتماً - أفضل بدونه. فاصلة: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ .
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2