الذي تحقق خلال نصف قرن من العمل المتواصل في إنشاء الطرق البريَّة بالمملكة تجعل البعض يجزم أن تلك المشروعات قادت إلى إيجاد صناعة طرق وقيام شركات ومؤسسات وطنيَّة كبرى لها خبرة في إنشاء الطرق عبر تضاريس جغرافية معقدة وفي بنية جيولوجية وجيوموفولوجية صعبة جدًا داخل مناطق الجبال في الجنوب الغربي للمملكة، ومناطق الرمال في الشمال الشرقي، ومناطق الهضاب في الوسط، ومناطق الحرات في غرب المملكة.
وحتى نتخيل حجم الصعوبات لا بد من فهم الطّبيعة الجغرافية والجيولوجية للمملكة، وأصعب تلك المظاهر السطحية المرتفعات وبخاصة المرتفعات الغربية التي تبدأ من الحدود السعودية مع الأردن في الشمال الغربي وحتى حدود السعودية مع اليمن في الجنوب الغربي وتضم أكبر المظاهر والمرتفعات بالمملكة التي يتجاوز ارتفاعها (3000) متر وهي مرتفعات السروات من جنوب جازان وحتى الطائف، وجبال الحجاز من شمال الطائف وحتى جنوب مدينة الوجه، وجبال مدين من الوجه وحتى الأردن، ومن أبرز تلك الجبال: السودة، فرواع، مشرف، القعمة، العريف، الأديم، ثهران، اللوز، شمرخ، ورقان، المسار، الورد.
والهضاب الواقعة شرق المرتفعات الغربية هي هضاب: نجران، وعسير، والحجاز، وحسمي، ونجد، والهضاب الشرقية.
الصمان والحجرة، والحماد ، والوديان، والحرات: تنتشر غرب المملكة ومن أبرزها: حرة الحرة بالجوف، والرحا، وعويرض والهتيمة، ورهاط، وخيبر، والشاقة، والبرك وحضن.
والرمال: أكبر التجمعات الرملية الربع الخالي، والنفود الكبير، والدهناء، والجافورة، وعروق المظهور، الثويرات، والغميس، والعريق، وعريق البلدان.
والأودية: تضم جغرافية المملكة أودية كبيرة جدًا وجارفة أشبه بالأنهار حين جريانها أبرزها وادي: الرمة، بيشة، الحمض، السهباء، الدواسر، الجزل، الجرير، الشعبة، فاطمة، ساحوق.
وسط هذه التعقيدات الطّبيعية تم ربط شرق المملكة بغربها بطرق سريعة: طريق الدمام الرياض- مكة المكرمة، اجتاز رمال الشرق والوسط والهضاب الوسطى والحرات وأجزاء من المرتفعات الغربية السروات. وطريق الشمال الجنوب من الجوف والحدود السعودية الأردنية مرورًا بحائل والقصيم ووصلاًَ للرياض يعبر رمال النفود الكبير والثويرات وعريق البلدان. وطريق آخر الرياض الخرج السليل نجران. وطريق القصيم المدينة المنورة ويعبر رمال الغميس وأودية الرمة وفروعها وروافدها وحرات المدينة المنورة وجبال الحجاز، إضافة إلى الطرق الأخرى التي تربط المدن والمحافظات وهنا يتضح الفارق بين قطاعاتنا التي فشل بعضها في إيجاد صناعة وشركات ومؤسسات كبرى في حين حافظت وزارة النقل بالرغم من أن إداراتها تغيَّرت خلال عمرها الوزاري إلا أنها حافظت على شراكتها مع القطاع الخاص وسمحت الوزارة في تنامي تلك الشركات حتَّى تحوَّلت إلى صناعة وخبرات في بناء شبكات الطرق البريَّة ومن تلك الشواهد مشروعات الجبال في الجنوب الغربي وغرب المملكة، ومشروعات الرمال في شمالها الغربي في النفود الكبير ويقابل ذلك انهيار صناعات وقطاعات خدمية بشراكتها.