مبادرتان خيرتان في شهر رمضان الكريم، أطلقهما خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الأولى توجيهه -حفظه الله - بالبدء فوراً بحملة وطنية لجمع التبرعات لنصرة أشقائنا في سوريا بدءاً من الاثنين الرابع من شهر رمضان المبارك، وذلك في جميع مناطق المملكة.
والمبادرة الثانية أعلنها سمو وزير الخارجية، الذي أوضح أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حرصاً منه على خدمة الإسلام والمسلمين ووحدتهم في هذا الوقت الدقيق، والمخاطر التي تواجهها الأمة الإسلامية من احتماليات التجزئة والفتنة، وفي الوقت الذي تحتاج فيه إلى وحدة الصف والكلمة، فإنه - رعاه الله - دعا إلى مؤتمر التضامن الاستثنائي في مكة المكرمة يوم 26-27 رمضان.
وللحديث عن المؤتمر الاستثنائي للتضامن الإسلامي فهو مثلما أوضح التصريح بأن المرحلة الراهنة التي تمر بها الأمة الإسلامية شعوباً ودولاً تستدعي، ليس الاستجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين فحسب، بل تتطلب أن تتضافر جهود المسلمين قادة وشعوباً لعقد المؤتمر والعمل على إنجاحه؛ فالأمة الإسلامية التي تواجه مخاطر الفتنة والتشتت والانقسام لم تعد تقبل بتلكؤ وتردد بعض القادة المسلمين الذين لا يزالون يقدمون مصالحهم ومصالح الجهات التي يمثلونها على مصالح شعوبهم ومصالح الأمة الإسلامية، وهو ما أوجد تباعداً بين الدول والشعوب الإسلامية، انعكس على علاقات هذه الدول؛ ما أتاح لأعداء الأمة الإسلامية اختراق النسيج الإسلامي، حتى أصبح مألوفاً عمل بعض الأنظمة المحسوبة على الإسلام والمسلمين ضد طموحات وآمال الشعوب الإسلامية، بل إن بعضها يقوم بدور هادم من خلال مشاركته في عمليات قتل وتنفيذ للمجازر، كالتي تشهدها سوريا، والتي تقوم بها قوات وجهات محسوبة على دول إسلامية تتعاون مع جهات ودول أجنبية، عُرفت بتنفيذها مخططات وأجندات تستهدف الإسلام والدول الإسلامية، التي ترى في اختلاف أنظمة الدول التي تحكم وتدير دولاً إسلامية فرصة لهم لاختراق المجتمعات الإسلامية، واستطاعت للأسف الشديد تقسيم العالم الإسلامي.
كل هذه الممارسات والمخاطر تتطلب لقاءً ومؤتمراً للمصارحة ونقاشاً صادقاً، يتركز على خدمة المصالح الإسلامية والبحث عن حلول حقيقية للأزمات والمشاكل الإسلامية في مكان لا يقبل الخداع والكذب والمناورات التي اعتادت بعض الأنظمة والقيادات الإسلامية القيام بها، رغم العديد من المبادرات الخيرية التي يطلقها القادة المسلمون، التي تستهدف المصلحة العليا للأمة الإسلامية.
أما المبادرة الثانية المتعلقة بالبدء فوراً بحملة وطنية، تشمل مناطق المملكة ومدنها كافة، لجمع التبرعات لأشقائنا في سوريا، التي بدأت الاثنين، فهي مبادرة جاءت في وقتها، وستجد تجاوباً كبيراً من المواطنين السعوديين الذين ينتظرون هذه الفرصة لنصرة إخوتهم في سوريا، الذين يتعرضون لمجازر بشعة تقوم بها قوات لا تخاف الله، ولا ترتدع حتى في هذا الشهر الفضيل.
jaser@al-jazirah.com.sa