تؤكد التطورات السريعة على الأراضي السورية، أن جيش النظامي لم يعد يسيطر على أرض المعركة. وأن تحولاً حقيقياً في مسار العمليات العسكرية المضادة للنظام الأسدي، باتت قاب قوسين أو أدنى، قد تمهد على المدى القريب، إلى إدخال البلاد في حالة من العصيان المدني الشامل.
التفجير الذي استهدف مبنى الأمن القومي في دمشق، جاء من الداخل؛ مما يعني أن معركة دمشق دخلت منعطفاً حاسماً، باعتبار أن مجرد الولاءات، لم تعد كافية؛ لضمان الحماية. وهي رسالة أكيدة على تخلخل أركان النظام المتداعي، وأن أيامه معدودة، ونهايته المحتومة أصبحت مسألة وقت. وهو الحديث الذي يدور في أروقة الأوساط السياسية الدولية، حول مرحلة “ما بعد النظام الأسدي”.
من جانب آخر، فإن الانشقاقات شبه اليومية، إن في جانب صفوف الجنود، أو في جانب صفوف كبار الضباط، تزداد كل ساعة، - خصوصاً - بعد انتقال المعارك بين الجيش النظامي، والجيش السوري الحرّ إلى قلب دمشق، وهي - بلا شك - رافدة للثورة السورية، ولجيشها الحرّ.
ما حدث رسالة قوية إلى المجتمع الدولي، مفادها: أن الشعب السوري لم يعد بحاجة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي، ولا إلى خطة كوفي عنان، التي لم تعد لها فاعلية على أرض الواقع، فالأحداث قد تجاوزتها، - خصوصاً - وأن تلك الضربة القاصمة أصابت ظهر النظام المتربع على عرش السلطة، بحكم قبضته الأمنية، إلا أنه في المقابل، لا يمكن التنبؤ بما ستشهده الأيام المقبلة من تزايد وتيرة الأعمال الانتقامية للنظام، وفرض أساليب القمع الدموي بصورة غير مسبوقة ضد شعبه.
كل المؤشرات تقول اليوم: إن تطور الأحداث ميدانياً، ستكون مقدمة لما قبل معركة حسم النهايات. وأن سلسلة طويلة من العمليات النوعية على طريق إسقاط النظام البعثي بكل أركانه، ورموزه، هو خيار الجيش الحرّ في المرحلة المقبلة؛ لإقصاء رؤوس الشر، وقادة القتل في البلاد. الأمر الذي سيجعلنا متفائلين، بأن - الرئيس السوري - بشار الأسد، سينتهي به المطاف إما مقتولاً، أو هارباً، وهو السيناريو نفسه الذي لحق بزعماء عرب، سقطوا جرّاء ثورات شعوبهم ضدهم، شريطة أن يتوحد عناصر الجيش الحرّ، وأن يعملوا على تنويع ضرباتهم بما يعجل انهيار النظام.
drsasq@gmail.com