سوق رمضان كغيره من الأسواق، تنطبق عليها (نظرية العرض والطلب)؛ والمشهورة بأنها نظرية التوازن الاقتصادي؛ وهي باختصار، عند ما يزيد الطلب ينقص العرض؛ عندها يزيد السعر والعكس صحيح؛ ونشاهد خلال رمضان، أنه يحدث ارتفاع غير طبيعي في الأسعار مع زيادة ملحوظة في العرض تكاد تفوق الطلب؛ وهي حالة اقتصادية ينفرد بها شهر رمضان.. لذا فإن سبب ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان، لا ينسجم مع نظرية العرض والطلب، وإنما ارتفاع الأسعار هو لأسباب نفسية بحتة؛ منشؤها الإقبال على الشراء المسعور، نتيجة التوجس من الجوع والعطش أثناء الصيام؛ وهذا العامل النفسي المفضي إلى الإقبال على الشراء، تنخدع به أيضاً، جمعية حماية المستهلك، حيث تظن أنه ارتفاع طبيعي بحسب نظرية العرض والطلب؛ وحيث إن هذه الظاهرة تحدث سنوياً فإنه من المستغرب تقاعس، جمعية حماية المستهلك، عن الاستفادة من التجارب السابقة، لاتخاذ تدابير الحماية اللازمة للمستهلك؛ ويمكن تشبيه حركة أسعار الأطعمة في رمضان بمؤشر البورصة يحمل اللون الأحمر في شعبان ثم اللون الأخضر في رمضان ثم الأحمر في شوال، خلالها يمارس تجار الأطعمة المضاربة بالأسعار، في مأمن من عيون جمعية حماية المستهلك، والواقع يشهد أن التعويل على حمايتهم تجارة خاسرة.
وبالتزامن مع دخول شهر رمضان نشاهد الملصقات الدعائية، على اللوحات الإعلانية المنصوبة في الشوارع، عن مختلف أنواع أدوية عسر الهضم، وفوار التلبّك المعوي، وحبوب الحموضة، حيث يعلم وكلاء هذه الأدوية، من واقع التجارب السابقة؛ تزايد وتزامن الإصابة بالتخمة المعوية مع حلول شهر رمضان.
وقد قال صلى الله عليه وسلم «ما ملأ آدمي وعاء شر من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن بها صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» رواه الترمذي..
إن التوجس من الجوع والعطش خلال الصيام يجعل كثيراً من المسلمين ينطلقون في الأيام الأولى من شهر رمضان إلى مراكز المواد الغذائية لتكديسها، في مستودع المنزل، حتى لا يكون لربة المنزل ذريعة الإخفاق في إعداد مائدة الإفطار لأسرة عدد أفرادها عشرة، بكمية طعام تكفي لعشرين فرداً..
خلافاً لهديه صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين بقوله (طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة، وطعم الثلاثة يكفي الأربعة).
الخلاصة أن هديه صلى الله عليه وسلم منظومة متكاملة لها معالم واضحة؛ تسمح للمسلم حرية الاختيار من أجزائها وتطبيق ما يستطيع منها، دون أن يعني ذلك خروج المسلم عن الهدي النبوي؛ وتختلف درجة التطبيق باختلاف درجة الاستطاعة من مسلم لآخر؛ ولن يستطيع أي مسلم أن يأتي بتمام وكمال هديه صلى الله عليه مهما أوتي من استطاعة.
khalid.alheji@gmail.comtwitter @khalidalheji