عندما تمتحنك الحيرة، وتريد أن تعرف ما يريده منك الآخر، اسأله بكل بساطة ولا تتكهن، حتى لا تصدم بخيبة أمل غير متوقّعة، وهو ما قدّمه جيه.إس.سولت من لوس أنجلوس، عند ما التقى مع ما يزيد عن ألف مراهق ومراهقة، من خلفيات اقتصادية وعرقية متنوّعة، ودعاهم إلى كتابة رسائل لآبائهم، وجمع في كتيب (تقبلني دائماً كما أنا) 147 جملة مبدعة، خطتها أنامل من سن 13 إلى 18 عاماً، تختصر مسافات من الفهم والاستيعاب، تلك المرحلة التي تتعرض فيها العلاقات إلى خضّات عاطفية وفكرية، قد تلقي بظلالها على المستقبل.
كل رسالة تستوقف الزمن لتخبرنا كم كبروا، ونحن لا نشعر، سأختار بعضها، لنرى أن الأمر ليس صعباً كما يبدو، إنها عبقرية المراهقة الثائرة والمتسائلة، والتي لم تدخل حياة الخنوع بعد، تحت أي ذريعة، باسم النضج أوالحكمة، والعادات والتقاليد.
تقول دانيتا 18 عامًا: “ساعدني على أن أتعلّم من أخطائي بدلاً من أن تلومني عليها طوال الوقت” وحتى في علاقات الكبار نحتاج لهكذا مبدأ.
وتقول إيريكا 13 عاماً: “ادعم أحلامي وطموحاتي بدلاً من أن تسعى لكي أحيا في أحلامك”
يا للهول! إننا نفعلها حتى مع من نحب.
وتقول ريبيكا 17 عاماً: “لا تحاول إصلاح الأشياء طوال الوقت.. أريد فقط أن تقف بجانبي” بالله كم شخصاً في حياتك يصلح الأخطاء ولا يمنحك الثقة بأنك تستطيع أن تفعل ما يفعله!
وتقول كارولين 14 عامًا: “لا تضغط على أطفالك لتحقيق شيء ما.. لو أن طفلك يريد أن يحقق شيئاً.. فلا بد أن يكون حلمه هو.. وليس شيئاً ما.. لم يستطع والده أو والدته تحقيقه في طفولتهما”.
أحقاً ما يُطلبه من الصغار، هو نتاج الخيبة التي مُنيت بها أحلام الكبار؟
أما أليزا 14 عاماً فقد كتبت رسالة عامة للعقل البشري وليس للوالدين فقط، لأرباب الدين والسياسة والاجتماع والاقتصاد.. إلخ، تقول فيها :”سوف أتعلّم كثيراً لو شرحت لي كيف أكون على صواب أو على خطأ.. لقد كبرت عن السن التي من الممكن أن أقبل فيها كلمة نعم أو لا المجردتين.. إنني أريد التفاصيل”.
وديبورا 17 عاماً تقول : “لا تحاول حمايتي من خلال إخفاء الأمور عني.. إنني أعرف وأفهم أكثر مما تعتقد”.
لطالما كان إخفاء الحقيقية ولو بنية حسنة، خيانة صريحة، وتأجيل لا مبرر له لسقوط الأقنعة.
أما الين 14 عاماً فقد وضع حداً فاصلاً لنجوم الفضيلة حتى لا يشعر بأنه قاع: “حدثني عن نفسك وعن أخطائك.. حتى لا أشعر أني ضئيل في وجودك”.
فما أبشع تقديس البشر، لأنه يشوّه نظرتنا لذواتنا.
وسأختمها بدرس ماجي 14 عاماً، عن صوت الأنا عندما يجرح بالمقارنة: “لا تقارني بأصدقائي أو أبناء أصدقائك.. إن لدي شخصيتي المستقلة.. فتقبل هذه الحقيقة.. وأحبني كما أنا”.
سأكتفي بذلك، يبدو أن فترة المراهقة هي الأجمل والأكثر إنسانية، لذا لنستمع لهم، علهم يعيدون لنا مجد العقل في أوج بحثه عن الحقيقية والاستقلالية.
amal.f33@hotmail.com