عادت السجالات من جديد حول دور جمعية حماية المستهلك وما قدمته منذ تأسيسها قبل عدة سنوات وتتفق الآراء المتخصصة والعامَّة حول الأداء الباهت لهذه الجمعية الأهلية المهمة التي كان يعوَّل عليها كثيرًا لتلعب دورًا بارزًا في حماية المستهلك وتوعيته وبنفس الوقت تساند الجهات المختصة بوزارة التجارة في الدور الرقابي على السوق الاستهلاكية
إلا أن وضع الجمعية ومنذ انطلاق عملها كان ضعيفًا والدليل أنها في غير موجودة في ذهنية المستهلك ولا يفكر باللجوء لها لأنّها لم تقدم نفسها كجزء أساسي في حياته والكثير لا يعرف عنها شيئًا ولا يعرف دورها ومهامها ومقرها وطرق التواصل معها وهذا الأمر لا يحتاج إلى جهد كبير للتأكَّد منه فأين فروع الجمعية على مستوى مناطق المملكة وكم قضية تدخلت بها وماذا فعلت لمن استنجد بها بل ما نظامها أصلاً وهل يعطيها قوة بالعمل أم أن نظامها أصلاً هو ما يكبل عملها أم أننا كمجتمع فهمنا هذه الجمعية أساسًا بشكل خاطئ وأعطيناها أكبر من حجمها وأن الدور سيبقى لوزارة التجارة.
إن جمعية حماية المستهلك تحتاج إلى تدخل مباشر من وزارة التجارة لإعادة ترتيب وضعها فبعد تغيير إدارته ا السابقة تبيّن أن هذا التغيير لم يطل إلا رئيس الجمعية بينما بقي الأعضاء كما هم مع انتقال نائب الرئيس السابق لموقع الرئيس ولكن الأنظمة والأدوات والقدرات لم تتغيّر وبذلك يتضح أن المشكلة هي بالمقام الأول ضعف بالإمكانات المادِّية وكذلك الأنظمة مما يعني أن هيكلة الجمعية أصبح أمرًا لا مفر منه لكي تلعب دورًا حيويًّا كبيرًا وباعتقادي أن الإصلاح الحقيقي للجمعية هو أن يعاد تأسيس الجمعيات لكل منطقة على حدا وبشكل منفصل وأن تعمل كل جمعية ضمن منطقتها وبعد أن تتعزز أدوارها يتم عمل مقر وتجمع لهذه الجمعيات كما الحال بالنسبة للغرف التجارية ومجلس الغرف فالخطأ حدث عند تأسيس الجمعية بأنها كانت عامة وتعمل بكلِّ مناطق المملكة وهذا الأمر كان مرهقًا لها وأكبر من إمكاناتها فمن الأفضل أن يتم اعتماد جمعية مستقلة لكل منطقة وتحصل على دعم مادي ومعنوي بطرق عدة ويكون أساسها مساهمات مواطني المنطقة عبر رسوم تحصلها الجمعية من خلال اشتراكهم بعضويتها وكذلك حصولها على مصادر تمويل متعددة كي تستطيع مواجهة مسئولياتها في مواقع عملها وبعد أن تأخذ هذه الجمعيات دورها يتم تشكيل مقر رئيس لها وتجمع يعبّر عنها ويمثلها أمام الجهات المختصة وتتقلص المركزية التي تحكمها الآن وتعيق تقدم عملها وتطورها.
جمعية حماية المستهلك تحمل أهمية كبيرة للمجتمع السعودي ويمكنها أن تقدم خدمة كبيرة لكافة الأطراف الفاعلة لخدمة المستهلك وحمايته لكنها وبعد تجربة لعدة سنوات مع واقع الجمعية بشكلها الحالي من الواضح أن معالجة وضعها بشكل جذري أصبح ضرورة.