في الوقت الذي بدأ فيه صيام يوم جديد، وبالتحديد في فجر الرابع من رمضان، قام أحد الشباب باستعراض بهلواني بسيارته وسط حي الريان في مدينة الرياض عبر شارع رئيسي بين تشجيع جماهير جاهلة وتصفيق فئة مراهقة، وبعد برهة فقد الشاب السيطرة على السيارة فانفلتت منه لتصطدم بقوة بمركبة ضخمة متوقفة على جانب الطريق، وكانت نتيجة الاصطدام منظراً مروعاً فقد الشاب حياته وثكلته أسرته وخسر الوطن أحد سواعده الذي كان من الممكن أن يصبح عضوا فاعلا فيه!
يقف المرء عاجزاً أمام حالات التفحيط التي تزداد وتتسع فلا يدري: هل يدعو للمتوفين بالرحمة لأنهم أبناؤنا المسلمون، أو يحمد الله الذي أراحه من همِّ يومي يقابله في طريقه بسبب ذلك الاستهتار وحرب الشوارع من لدن بعض الشباب الذي يستخف بروحه وأرواح باقي البشر! أو يحمِّل الأسرة مسؤولية انفلات بعض أبنائها وتسليمهم مركبات باتت الأقرب لأسلحة الدمار وليست وسيلة مواصلات نشكر الله على توافرها وتسهيلها لقضاء أمور الناس.
إن المشاعر المختلطة من القهر والحزن والأسى التي تسكن قلب والدي مفحط أزهق روحه بما يشبه الانتحار تجعلنا نشفق عليهم وندعو لهم بالصبر والاحتساب، فلا قول يقال ولا نصح يفيد ولا توعية تنفع لأولئك الشباب الذين لم يدركوا هدف وجودهم في الحياة، ولم خلقوا؟ وكيفية العيش في هذه الدنيا، وما هو مطلوب منهم؟!
وقد توقعت بعد حادثة التفحيط الشهيرة التي توفي فيها شقيقان قبل عدة أشهر في أسوأ حادثة تفحيط؛ أن تكون عبرة لكل شاب يمارس تلك الظاهرة السيئة التي قتلت شبابنا وأثكلت أمهاتهم وأدمت قلوبنا، ولكن يبدو أنهم فقدوا قلوبهم وكل ما يربطهم بالحياة.
ولم يألِ المرور جهداً بملاحقة الشباب المستهتر والقبض عليهم ومعاقبتهم، ولكنه لن يستطيع تعيين جندي لكل شاب إن لم يكن يملك ضميرا مرافقاً له ووازعاً عن كل ما يضره ويلحق الضرر بالناس.
وإن كان بعض المتحمسين يرى تخصيص أماكن وتجهيزها لمزاولة سباقات السيارات وممارسة هواية التفحيط؛ فإن هذا الأمر لن يحد منتلك الظاهرة المتنامية في المجتمع فضلاً أن السيارة ليست أداة للمتعة والاستعراض، وإنما هي كالسكين تماما بنفعها وضررها كونها وسيلة مواصلات خطيرة إن لم يحسن التعامل معها كانت سببا في الهلاك.
ولأن هذه الظاهرة جاءت إفرازا للطفرة الاقتصادية والدلال الأسري الذي ساهم في إفقاد الأبناء قيمة الأشياء بسبب توفير كل المتطلبات المعيشية بسهولة، وبدون تعب في تحصيلها سواء في المأكل والمشرب واقتناء السيارات والرفاهية المفرطة حتى صاروا مستهلكين غير مبالين، فإنه يلزم تعويد أبنائنا على عدم السهولة في تحصيل كل ما يرغبونه ووقف الدلال المفرط ومتابعة خروجهم من المنزل، حيث ظهر أن معظم الشباب المفحطين تجهل أسرهم سلوكهم تماماً.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny