لا أستغرب نشر خبر يفيد أن جهاز المرور قد أعد خطة مرورية لمدينة الرياض مثلاً خلال شهر رمضان المبارك، لأن هذا الخبر يتكرر كل عام قبيل دخول الشهر الكريم، وأنه حتى لو لم تتخلله إجازة للطلاب يشهد حركة أكثر كثافة في جميع الاتجاهات لما يغمر النفوس من مشاعر التواد والتواصل والتئام الأسر في الليالي المباركة، وكان من المفترض أن يكون المرور بكامل أجهزته على أهبة الاستعداد في رمضان وغيره، وأن تكون الإجراءات وأساليب تنفيذها معدة سلفاً دون خطط تلتئم لها الاجتماعات تلو الاجتماعات والنتائج هي ذاتها، وهذا الخبر الذي يسبق دخول رمضان هو ذاته الذي يسبق ليلة عيد الفطر وليلة بدء الاختبارات وصبيحة بدء الدراسة من كل عام دراسي جديد، خطط مرورية لمدينة واحدة يكرر سكانها قراءة الخبر عدة مرات في السنة، وهكذا في المدن والمناطق الأخرى، فالشوارع هي الشوارع والسيارات هي السيارات والنداء يتكرر مطالباً بمزيد من جرعات التثقيف والتوعية المرورية وأن تركز الاجتماعات على دراسة تحسين أوضاع المنعطفات والأرصفة والإشارات والعلامات الإرشادية، فإذا ما اكتملت خطط التثقيف والتوعية تبدأ تدرجاً خطط نشر ثقافة العقاب والثواب لقائدي المركبات، ومعها إعلان لوائح العقوبات والغرامات.
كما تكرر النداء في وسائل الإعلام للمطالبة بمزيد من الدورات التوعوية المتخصصة لرجال المرور سواء من هم في الميدان أو في دوائر القرار ومكاتب الأداء الإداري فهي منظومة لا تنفك منها دائرة عن الأخرى بتكامل مهني يفترض بل يجب أن يظهر بأداء راق منضبط وأنظمة منصفة يتساوى فيها الجميع عند التطبيق، فالأنظمة المرورية لا تنجح في خططها الرامية للضبط المروري إذا شابتها هذه الشوائب من المحسوبيات والعلاقات وروابط النسب وتشعباتها، إكرام الصديق والقريب لا يكون على حساب منظومة مترابطة وكيان هام كنظام المرور الذي يعد من المصالح العامة والأنظمة الشاملة للجميع، هدفها حماية أرواح الناس بعون الله وتضافر الجهود بحسن التطبيق والانضباط في الأداء، وحماية الذوق العام في النسق المروري من فوضوية واستهتار فاقدي الوعي بأهميته وفاقدي عناصر التحضر ممن تستهويهم ممارسة الفوضى وتعطيل نمو الوعي العام والنضج الحضاري في الحياة العامة للمجتمع.
إذا تضافرت جهود كافة الدوائر المرورية واتجهت للعمل الجاد مع تهيئة الجو العام للحركة المرورية من قبل الجهات ذات العلاقة بشأن الشوارع والطرق، فلا يلام حينها جهاز المرور وأن أغلظ في العقوبات والغرامات على من لا تثمر به حملات التوعية والتثقيف، إذ إن المفترض أن يكون المواطن والمقيم قائد المركبة هو العنصر الأهم والركيزة في إنجاح مهام جهاز المرور الذي يسعى لخدمته وراحته وتثقيفه وتوعيته في كل ما يتعلق بفن القيادة والتعامل مع الطريق والمركبة، غير أن بعض قائدي المركبات وفي ظل الوضع السائد لا يلقي بالاً لكل هذه المفاهيم في بلادنا لكننا نشاهدهم يقودون سياراتهم في بلاد مجاورة وغيرها وهم أكثر الناس احتراماً للانظمه والتزاماً بتنفيذها وتطبيقها، وحين تسأل بعضهم عن هذا التناقض يقول: يا غريب كن أديب، والصحيح أنه فقد الواسطة في بلد نظامه صارم.
t@alialkhuzaim