أنا في مكةٍ وأنت بنجْدِ
بين هاتَيْنِ قد تَوَزَّعَ وَجْدي
إنْ أطِلْ في ربوعِ نجْدٍ مُقامًا
يُظمِني الشوقُ نحْوَ أعْذبِ وِرْدِ
وإذا ما حللتُ مكة حُلتْ
عُقَدُ الصبرِ وانطلقتُ لنَجدِ
هكذا القلبُ ليس يحيا طليقاً
هو في الشوق بين حَلٍّ وعَقدِ
لعِبتْ بي أمواجُ شوقي زماناً
ففؤادي ما بين جَزْرٍ ومَدِّ
أنا حَشْدٌ من المَواجدِ لكنْ
إنْ تفتش فيها تجدْنيَ وحدي
يَتوالدْنَ في فؤاديَ حتى
ضاق ذرعًا منها بشيبٍ ومُرْدِ
فتحمَّلتُها مدى الدهر فردًا
وكأني في قوَّتي غيرُ فردِ
كم تطبَّبْتُ بالتعللِ فازدَدْ
تُ به عِلة وجانبْتُ رشدي
قد يزيد الأدواءَ فينا دواءٌ
ليس يَشفي وليته كان يُرْدي
كم تمنيتُ والأماني مُحالٌ
عندما تطلق المنى دونَ حَدِّ
ليتما مكة تُجاورُ نجدًا
مثلما قد تَجاورَ الحبُّ عندي
مهبطَ الوحْي، يا ملاكاً تردّى
فوق عرشِ الفخار أجْملَ بُرْدِ
لا تجاريكِ في الفَخار ديارٌ
أو يُماريكِ أيُّ عزٍّ ومَجْدِ
مهبطَ الوحي، ليس حبّي لنجدٍ
لكِ ندًّا؛ سموتِ عن أيِّ نِدِّ
مُسْتبدٌّ هواكِ بي، بَيْدَ أني
أحْتسي لذةَ الهوى المُسْتبدِّ
ليس بدعًا أن يَسْتهيمَ مَشوقٌ
بحبيبَيْنِ في الهوى ويُفدّي
لا يُلامُ الفؤادُ حينَ تشظى
أنتِ مَهْدُ الهدى وهاتيك مَهْدي
يا سقى اللهُ أرضَ نجدٍ هَتوناً
ورعى اللهُ أرضَ مِسْكٍ ونَدِّ
أنتِ أرضٌ تَضوَّعَ الحقُّ منها
فانتشى الحقَّ كلُّ سهلٍ ونجدِ
أنتِ مهدُ السَّنا ولحْدُ الدياجي
طِبْتِ أرضًا يا خيرَ مَهْدٍ ولحدِ
قد سرى النورُ من فجاجكِ يَنسا
بُ رفيفاً عَبْرَ البلاد ويَهدي
يتسامى طولَ الزمانِ مُبيناً
ينجلي للعيون نُجْلٍ ورُمْدِ
لم تزدْهُ الأحقابُ إلا ائتلاقاً
وهْو يطوي عهدًا بها إثرَ عَهدِ
أنتِ زَيْنُ البلاد طهرًا وفخرًا
جَدُّكِ - الدهرَ - قد علا كلَّ جَدَِّ
قد تجاوزتِ في الجمال حدودًا
فاعذريني إذا تجاوزتُ حَدّي
- الدلم