تضطلع وزارة الإسكان بعد صدور القرار السامي بإنشائها بدور مهم وحيوي للغاية، وهي مكلفة بالعمل على تحقيق الحلم الذي يراود المواطن السعودي في توفير المسكن المناسب والقضاء على تفاقم حدة هذه الأزمة على المديَيْن القريب والمتوسط. ونعتقد أن النجاح في مهامها يتطلب ضرورة التعاون مع كل القطاعات والهيئات، العام منها والخاص، في إطار حزمة من القوانين والنظم التي تحقق ذلك، وهذا - بلا شك - يؤدي بنا إلى إلقاء الضوء على الدور الذي يمكن أن تؤديه الجمعيات الخيرية التي تختص بقضايا الإسكان، وأخص بالذكر جمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري التي نشأت وتأسست عام 1418هـ في ظل الحاجة وقتها إلى سرعة بناء مجمعات سكنية للفقراء والمحتاجين الذين تضرروا من جراء السيول التي اجتاحت بعض البيوت الشعبية في عدد من مناطق الرياض، وأدى ذلك لانهيارها وتصدعها.
ومضت الجمعية بعد تأسيسها واكتمال نظمها الإدارية، وقبل ذلك مباركة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - في مسيرتها الناجحة؛ حيث بدأت التخطيط لبناء أربعة مجمعات سكنية في أحياء سلطانة والبديعة والجرادية بتوجيهات من لدن سموه الكريم، الذي لا يألو جهداً في تحقيق الجمعية أهدافها السامية؛ حيث وضع سموه - حفظه الله - حجر الأساس، وحرص سموه على تدشينها بعد الانتهاء منها. فوفقاً للبيانات الرسمية الصادرة من الجمعية يبلغ عدد الوحدات السكنية المنفذة (451) وحدة، يسكنها قرابة (4008) نسمات، وتقوم حاليا الجمعية ببناء المجمع الخامس في محافظة الخرج بعدد (116) وحدة سكنية، ويتوقع أن يسكنها (812) شخصاً. والمجمع السادس في محافظة المزاحمية بعدد (82) وحدة سكنية، ومن المتوقع أن يستفيد منها (574) شخصاً. وتخطط الجمعية لبناء عدد من المجمعات في حي الجنادرية بمدينة الرياض وفي محافظات القويعية وشقراء وضرماء وحريملاء والمجمعة والعيينة ومرات والزلفي؛ إذ من المتوقع أن يصل مجموع الوحدات السكنية بتلك المجمعات إلى (1135) وحدة سكنية، ومن المتوقع أن يستفيد منها (7805) أشخاص. علاوة على ذلك، تمتلك الجمعية قاعدة بيانات ضخمة من خلال الدراسات المسحية التي قام بها الباحثون والمقابلات التي نفذها الأخصائيون الاجتماعيون.
ويُعدّ بحق ما أنجزته الجمعية نجاحاً باهراً في مجال الإسكان التنموي، أسهم بشكل مباشر في تخفيض حدة الفقر لمئات الأشخاص من خلال توفير المساكن المريحة لهم، إضافة إلى شمولهم ببرامج الرعاية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وهذا - بلا شك - مشاركة إيجابية وفاعلة في خدمة المجتمع.
إن ما تم عرضه من إنجازات لجمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري كان بعد فضل الله بسبب الدعم المباشر من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الجمعية وسمو نائبه الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، إضافة إلى المساعدات المادية والعينية التي تستقبلها الجمعية من أهل الخير والمحسنين من رجال أعمال ومسؤولين وغيرهم؛ لذلك فهي في حاجة مستمرة إلى الدعم المتواصل لتوفير الأرصدة الكافية لتكون قادرة - بإذن الله - على الوفاء بالتزاماتها نحو آلاف المنتظرين للسكن بمزيد من التوسع في بناء المجمعات السكنية لهم، وكما ذكرنا آنفاً فهناك تسعة مجمعات تنتظر الدعم للشروع في بنائها؛ حيث تصل التكلفة الإجمالية إلى نحو (384) مليون ريال؛ ما يستدعي معه ضرورة مساعدتها ومساندتها بأسرع وقت ممكن، وهذا يجعلنا ننظر إلى وزارة الإسكان وأهمية قيامها بدور حيوي حيال ذلك.
ونقترح أن تتولى وزارة الإسكان مع ما لديها من إمكانيات إما دعم الجمعية مادياً أو أن تتولى مهمة بناء عدد من هذه المجمعات من خلال إشراف ومتابعة الجمعية؛ لكي لا نزيد العبء على كاهل الوزارة، وأياً كان هذا الدعم فإنه سوف يفي بالغرض ويسهم بفاعلية وبسرعة في توفير المسكن لمئات الأسر، بحيث يقلل من حدة الأزمة على مستوى المجتمع، ويخفف أيضاً من حدة البطالة وما يتبعها من مظاهر سلبية تؤثر فيه بشكل أو بآخر. وإن تحقق هذا فسيحقق أحد الأهداف التي ترنو إليها الدولة أيدها الله.
كذلك يمكن اللجوء لحل ثالث يمكن أن تستفيد منه الجمعيات الخيرية المهتمة بقضايا الإسكان، وهو أن تقوم الوزارة بإقراضهم الأموال اللازمة لبناء عدد من المجمعات الإسكانية، وتقوم لاحقاً باسترداد تلك القروض على أقساط ميسرة، وفي هذا منفعة وتحقيق للمصلحة العامة للمجتمع. أيضاً إمكانية أن تمنح الوزارة مساحات من الأراضي الصالحة للبناء عليها؛ لتتولى الجمعيات إقامة مجمعات سكنية أو استثمارها بما يتفق مع أهدافها واستثمار العائد في بناء المجمعات؛ وبالتالي تكون الوزارة قد حققت أهدافها من خلال ما تنجزه تلك الجمعيات.
وهناك مقترح بأن تعمل الوزارة على التوسع في إنشاء عدد من جمعيات الإسكان في بعض مناطق المملكة الشديدة الاحتياج للمساكن، بحيث تساعد هذه الجمعيات على مباشرة تحقيق أهداف الوزارة، وبذلك تتضافر الجهود وتتكامل الآليات التي تفي بما يحلم به المواطن المحتاج إلى المسكن المناسب. وأعتقد أنه خلال سنوات ليست بعيدة يمكن أن نصل إلى ذلك.
إن الحلول والمقترحات كثيرة جداً، وبالحوار والمناقشات يمكن التوصل إلى ما يحقق أطراً وقواعد للتعاون تؤدي - كما ذكرنا - لتحقيق الأهداف والغايات المراد بلوغها، وهذا بالعزيمة يسير بإذن الله.
عميد معهد الأمير سلمان للتدريب والاستشارات الاجتماعية