منذ طفولتي وأنا معجب بأفلام الصور المتحركة -الكارتون- وخاصة أفلام -توم وجري- ومن منا لم ولا يحب مثل هذه الأفلام والتي تمثل مرحلة هامة من طفولتنا.. وكبرت وكبرت معي هذه المحبة فتوجتها برسالة -الدكتوراه- في (تأثير برامج الصور المتحركة) الكارتون على الأطفال قبل الدراسة, وكانت دراسة ممتعة لي ومفيدة لجميع أفراد الأسرة لمتابعة أطفالهم في مشاهدة أفلام الكارتون.. ولابد أن من تابع ويتابع أفلام -توم وجيري- يتذكر -البطة السمراء- ويعرفون قصتها. وقصة (البطة السوداء) هي قريبه من (البطة السمراء). أمنا العزيزة التي بيديها تنسج لنا المستقبل.. ومعظمنا له عائلة كبيرة (أم وأب، بنات، أولاد) وغيرهم.. وهذه العائلة تضم أنواعاً شتى من الأطفال.. قد يكون فيهم الكسول وعلاماته دائماً متدنية.. والعبقري وعلاماته العالية دائماً.. أو الضعيف المريض.. أو ذو العاهة أو الصحي الرياضي البطل.. وممكن يكون هناك بطء الفهم.. البليد.. وقد يكون العبقري الموهوب.. أو من له أو لها جمال خارق أو من يشعر أنه لا يشبه إخوانه أو أخواته، وهذه مشاعر بعض البنات.. وقد يكون من الأولاد أو البنات من يتمتع بشراسة وعناد لا يوصف وليس له حدود.. أو يكون جرئاً.. قليل الحياء والأدب.. أو طفله ذليلة مكسورة الخاطر والجناح تجلس بجانب أمها.. تستجدي العطف والبسمة، لماذا؟.. لأن والدتها انشغلت عنها في هذه الفترة وتحتضن مولودها الذكر محمد.. إنه ولدها الأول الذي ثبت حب زوجها واستقرارها، بعد أن هددها مراراً أنه سيتزوج عليها بحثاً عن ابنه المرتقب (محمد) وها هي ترزق به بعد أربع بنات.. فتعمد الأم مرغمة أن تهمش بناتها الأربع وخاصة طفلتها الصغيرة والتي كانت قبل أيام فقط هي سيدة القصر، والمشكلة ليست في إهمالها فقط بل منعها منعاً كاملاً من الاقتراب من خصمها اللذوذ الذي سلبها محبة وحنان وقرب أمها. أنا أسمي هذه الطفلة بـ(البطة السوداء أو السمراء).. ومن منا في يوم من الأيام لم يراوده هذا الشعور المؤلم الحزين.. بكونه -البطة السوداء- أنه شعور قاتل ومحطم.
ونحن نعلم الآن أن الطفل -أياً كان- عالمه صغير جداً لا يتعدى جدران منزله، إن لم يكن جدران غرفته الصغيرة إن كانت له غرفة منفردة، وهذا الرفض الذي يتلقاه الطفل من أسرته أو من والدته بالذات في حالة هذه الطفلة, هو رفض مميت وسيترك شرخاً كبيراً في نفسيته.. وعندما يكبر يحتاج لعدة سنوات حتى يعيد ثقته بنفسه ويعيد توازنه وشعوره عن الجميع أنهم لا يحبونه أو أنه ليس الطفل أو الطفلة المفضلة لديهم.
تصورت نفسي في يوم من الأيام طفلاً قابعاً في إحدى زوايا منزلنا الكبير.. منزل العز.. منكسر الخاطر والدموع تملأ عيوني والحسرة والألم في قلبي ولأني -البطة السوداء-.
أحب أن أقدم هذه النصيحة لجميع أولياء الأمور: قولوا لجميع أبنائكم من غير استثناء -الأولاد والبنات- رسوماتكم خلابة.. وستكونون من الرسامين الكبار.. ومثابرتكم على أداء الصلوات في أوقاتها ستدخلكم الجنة بإذن الله.. ودراساتكم ودرجاتكم العالية ستحقق لكم نجاحاً باهراً في تحقيق آمالكم المستقبلية.. يعجبني مظهركم الخلاب ونظافتكم الدائمة.. قصصكم جميلة.. ونكتكم مضحكة ومسلية.. وأنتم عندي سواسية لا فرق بين ولدكم أو ابنتكم.. ولذا هذه هدايا أحضرها والدكم متشابهه في الشكل والسعر لكل واحد منكم على حسن تعاملكم وأدبكم وأخلاقكم والله يوفقكم جميعاً.
إذا فعلتم بهذه النصيحة ستزول مشاعر وأحاسيس -البطة السوداء أو السمراء- من كل واحد منهم.
farlimit@farlimit.comالرياض