عزيزتي الجزيرة:
قرأت ما كتبه د. محمد عبدالله العوين في عموده (كلمات) في «الجزيرة» ليوم السبت: الثاني من شهر رمضان المبارك. بعنوان «ألم تجد هيئة مكافحة الفساد أضحية بعد؟!» تحدث فيه الكاتب الكريم عن الهيئة، مشيداً برئيسها وبطموحاته نحو كشف الفساد ومخابئه. وتساءل بعد مضي هذه المدة ومن خلال ما نسمعه عن جهود الهيئة وموظفيها ومفتشيها، لم تصطد الهيئة ولو سمكة صغيرة من المخالفات!
ولو نظرنا إلى أن الهيئة هي جهاز حكومي يعمل وفق آليات وأنظمة كسائر الأجهزة الأخرى وليس لديه يد سحرية يصل من خلالها إلى الفساد والمفسدين، ولذلك وحسب ما نقرأ ونسمع أن الهيئة ليس لديها غير مقرها المركزي في الرياض وجهازها الإداري، فهي حالياً تعتمد على ما يردها من معلومات بواسطة وسائل الاتصال الموجودة بينها وبين المواطنين، وقد تكون أغلب ما يردها من معلومات تفتقد إلى المصداقية أو أغلبها تكهنات أو معلومات أولية، وقد يصعب على الهيئة أيضاً متابعتها بشكل دقيق، فهي تعتمد على التقييم، وما يتم التأكد منه تسعى الهيئة لمتابعته عن طريق جهاته. ومن البديهي أن جهات هذه المعلومات قد لا تمكن الهيئة من وضع يدها على مكان المخالفة، وبالتالي لا تستطيع الهيئة التوصل لكل ما تريد. وأعتقد إذا كنا نريد أن تصل الهيئة لمبتغاها الذي أنشئت من أجله، فإن الهيئة هي جهاز تحرٍ وكشف للفساد، مثلها -على سبيل المثال لا الحصر- الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، فهل إدارة المخدرات اعتمدت على جهازها الإداري المكتبي فقط؟ بل تعتمد على مصادرها السرية التي تجمع وتتابع لها معلومات المروجين والمستخدمين وبالتالي تصل إليهم وتطبق إستراتيجيها عن قرب ومعرفة. لذا هيئة الفساد تشبه عمل إدارة المخدرات، فهي تجمع معلومات عن المخالفات الإدارية لتصل إلى مواقعها وأصحابها وبالتالي تحاصرهم وتطبق إستراتيجيتها بحقهم.
لذا أعتقد أن أول خطوة للهيئة هي الاستعانة بمصادر سرية لها في كل القطاعات والشركات وكذلك مراقبين للمشاريع، كذلك الاستعانة بأحد بيوت الخبرة لوضع إستراتيجية مناسبة لمتابعة مصروفات المشاريع والخطط والهدر للمال العام، فمن دون رؤية واضحة وخطة عمل وآلية فعالة لا يمكن للهيئة أن تحقق طموحات المسؤولين ولا تطلعات المواطنين الذين يعلقون عليها إنجازات سريعة في هذا المجال. وليعلم المسؤولون بالهيئة أن الفساد لن يأتي يمشي على رجليه لهم بالهيئة ليسلم نفسه، بل هم من يجب أن يصلوا إليه بوسائلهم وقدراتهم المختلفة.. والله الموفق.
محمد المسفر - شقراء