|
فور أن خرج المنتخب السعودي من بطولة كأس العرب خالي الوفاض امتلأت صحفنا المحلية -كالعادة- بموشحات النقد المعروفة، وهي تتكرر مع كل إخفاق، مقالات وضعت في الأدراج تخرج عند الإخفاق مع بعض التعديل اليسير عليها، لكنها في مجملها تساؤلات وبحث عن الأسباب التي أدت إلى الإخفاقات المتكررة، وحلول يضعها بعض الإعلاميين تجدها مع اختلاف العبارات متكررة، وخلاصتها (إعداد خطط، الاهتمام بالقاعدة، توثيق التواصل ونقاط الالتقاء بين الأندية وشؤون المنتخبات)، كلام كثير على هذا النمط. وفي حقيقة الأمر تجد أن هناك استعجالاً من قبل هؤلاء الإعلاميين على وجوب حدوث النتائج الإيجابة في أسرع وقت، فالنظرة قصيرة المدى هي ما يحركهم تجاه النقد، وفي هذا تأثير مباشر على سير العمل.
بعض الإعلاميين يتغنون بمفردات رنانة لا جدوى منها، بل ربما تزيد من وتيرة الضغوط على المسؤولين عن الشأن الرياضي، كأن يثنون على البلد وبأن بها من الخيرات ما يجعلنا نتأسف لحال رياضتنا، ونسوا أن هناك جوانب مهمة تدخل في صلب الموضوع كعوامل رئيسية تفرض على المسؤولين عن رياضة هذا الوطن الصبر؛ لأنها لن تُحل بين عشية وضحاها، وليس لهذه الخيرات التي يتحدثون عنها علاقة رئيسية بالإخفاقات التي تحدث لرياضتنا مؤخراً، فهي ضمن مجموعة عوامل ارتبط بعضها ببعض أدت إلى وصول القطاع الرياضي إلى أسوأ حالاته.
لا أحد يستطيع أن ينكر على أحد حبه لهذا لوطن وغيرته عليه، وليس هنا مكان لاختبار الوطنية والمواطنة، لكن من الحب ما قتل، هناك أشياء قد تكون خافية على الجميع وليس بمقدور المسؤولين عن الرياضة في المملكة العربية السعودية إيضاح كل شيء بالتفصيل، هناك عمل يحتاج إلى وقت وصبر من قبل الجميع حتى تتحقق النتائج المرجوة.
في السابق قبل أن يصبح لرياضة الوطن شأن كبير على الخريطة الإقليمية والخليجية وحتى العالمية لم يكن لدينا إرث كبير نتباهى به، كانت البداية من الصفر، ومع مرور الزمن وتحقيق كل متطلبات تلك المرحلة وتنفيذ الخطط بالشكل السليم مع قوة المتابعة في تلك المرحلة أصبح لنا إرث كبير من المجد لا يمكن لأحد أن يستهين به، في تلك الفترة كنا نقف مع رياضتنا وندعم كل خطوات النجاح، حتى في لحظات الإخفاقات كنا نركز على الهدف الأهم، فتقدمنا خطوات مهمة حتى ارتفعت لدينا الرغبة والطموح؛ وصلنا إلى قمة آسيا في مناسبات كثيرة، وحافظنا على هذه القمة زمنا طويلاً، ولم نكن نهتم إلا بالعمل الجماعي من قبل الجميع. كان لنا إسهامات كبيرة وإنجازات متنوعة على كافة الأصعدة، تقدمنا ونافسنا وأصبح لنا اسم يفرض على الجميع احترامه وترشيحه ضمن الصفوف الأولى في كثير من المشاركات الرياضية، كلها أشياء إيجابية لم تحدث بين يوم وليلة، بل احتاجت إلى وقت طويل وفق خطط كانت واضحة مع توفير كل متطلبات تلك الفترة.
اليوم نحن في مرحلة مشابهة، الفرق هنا بين المرحلتين أنه في السابق لم يكن هناك إرث نتغنى به ونسعى للمحافظة عليه، اليوم لدينا إرث وتصنيف أحرجنا وأخرجنا من عالم التفوق والإنجازات، وبدل أن نبحث عن آلية وأفكار واضحة لنعيد هذه المكانة التي فقدناها بسبب اتكالنا وتوقفنا عن العمل أصبحنا نجلد ذاتنا ونستعرض بالعبارات الرنانة التي لن تقدم جديداً يعيد رياضة هذا الوطن إلى حيث نصبو ونتمنى.
أنا مع الدعم وشحذ الهمم والنقد المنطقي والبنّاء وعدم السخرية؛ فلا مجال لذلك، ولن تنصلح الحال به، فيجب أن يكون هناك تناغم وتوافق ورغبة صادقة مدعومة بالعمل لإعادة تلك الأمجاد.
وقد اعتدنا في هذا البلد العظيم الوقوف مع القائد، وهذا ما يميزنا عن غيرنا وقائد رياضتنا الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل، نبحث معه عن التطوير، ونضع الأفكار ونوصي بها، وهو له حرية القرار وفق ما يراه دعماً للخطط الموضوعة لتعزيز العمل وتقدمه. لا يمكن أن تكون كل الأفكار مفيدة وتخدم العمل، وأيضاً لا يمكن أن تكون سلبية وتضر بالعمل، هنا يكون التوازن مطلوباً والالتفاف حول كل ما يخدم المصلحة العامة أمراً في غاية الأهمية.
في عالمنا الرياضي وتحديداً في إعلامنا الرياضي نحن نختلف حتى في أمور جوهرية من المفترض أن نتفق عليها دون الخروج بها وفق زوايا أحادية الطرح تمثل وجهة نظر كاتبها فقط، ويكون تأثيرها في غاية السلبية، يجب أن يكون هناك نقاط واضحة ننطلق منها يستفيد منها المسؤول لتعديل الوضع وتقود إلى بناء مرحلة هدفها نتائج مرضية.
في الفترة القادمة علينا العمل على تحسين صورتنا ولو بشكل مؤقت ونركز على العمل الحقيقي لعودة الرياضة السعودية ونسير وفق اتجاهين -التحسين والبناء - مع توفير كل الإمكانات اللازمة لذلك وزيادة نسبة الإنفاق على الرياضة واعتبارها عاملا مهما يدعم حضارة أي دولة في العالم ومدى تقدمها، وبدون هذا وذاك فإن المستقبل - والمستقبل بالذات - سيكون محرجاً جداً للرياضة السعودية التي أصبح الجميع ينظر لها كبلد رائدة تحمل سجلاً مميزاً رياضياً.
عندما نفكر بشكل جدي في الرياضة ونعمل على أن تصبح عالماً متكاملاً فيه كل المستلزمات اللازمة للمساهمة في بناء الاقتصاد السعودي، ويصبح المجال الرياضي يستوعب كثيراً من أبناء هذا الوطن بكافة التخصصات؛ فإننا حينها سنصل إلى درجة مميزة ودعم ذاتي من هذا القطاع دون الركون لدعم الدولة، بل يتحول مجال الرياضة إلى منافس حقيقي لكل مصادر الدخل القومي التي تعتمد عليها الدولة، حينها يمكننا أن نطمئن على مستقبل الأجيال التي ستأتي من بعدنا لأنه أصبح هناك ثروة جديدة تضاف لثروات هذا البلد تعتمد على الرياضة كصناعة تسهم في رفع إيرادات ومداخيل هذا الوطن الغالي.
دمتم بخير،،
سلطان الزايدي