المسجد بالنسبة للمسلمين مكان مقدس يؤدون فيه صلواتهم. يترددون عليه خمس مرات كل يوم ومائة وأربعين مرة في الشهر, ومن الناس من يمكث في المسجد لساعات أطول يقضيها في قراءة القرآن والاعتكاف وأداء النوافل لذا لا بد أن يكون هذا المكان معداً ومهيئاً للعبادة يجد فيه المصلي الراحة والنظافة والهدوء التام بعيداً عن الإزعاج والتنغيص وتداخل الأصوات وغياب المسئول المتواجد باستمرار لمراقبة الوضع وتأمين الاحتياجات وطلب الصيانة المستمرة لمرافق المسجد وبخاصة دورات المياه التي تعاني من الإهمال الواضح في كثير من مساجدنا وتراكم الأوساخ والقاذورات وتسرّب المياه وانسداد مجاري الصرف الصحي وانبعاث الروائح الكريهة والتي تجعل الإنسان ينفر من الدخول إليها حتى ولو كان في أمس الحاجة.

الأوضاع في كثير من المساجد مزرية واستثني المساجد الكبيرة أو التي يشرف عليها أصحابها فهذه تتمتع برعاية خاصة، إذ يتعاهدها فاعلو الخير وهم من بنوها وما زالوا ينفقون عليها ويشرفون على نظافتها وصيانتها, أما بقية المساجد إلا ما ندر فتعيش في ظل إهمال لا يليق ببيوت الله بسبب غياب المتابعة, ومن يعملون بها من أئمة ومؤذنين وخدم متعاونون غير رسميين لا يتواجدون فيها إلا في أوقات الصلوات فقط ثم ينصرفون لأعمالهم وشئون حياتهم تاركين الأوضاع تنحدر للأسوأ رغم أنهم يتقاضون مكافآت من الدولة لقاء عملهم والمفروض أنهم من باب الاحتساب الذي يدعون الناس إليه يصرفون جزءاً من وقتهم لإصلاح الأوضاع لكن للأسف لا حياة لمن تنادي! الأدهى من ذلك أن هؤلاء يغالون في إهمالهم فبعضهم لا يحضر إلا أوقات محددة ويغيب أياماً، والحريص منهم يوكّل من يقوم بمهامه بعض العمال الأجانب وهناك من يترك المسجد دون توكيل، كما أن الأمام والمؤذن في بعض المساجد يداومان بالتناوب فيما بينهما وفي غفلة كاملة من وزارة الشئون الإسلامية, نلاحظ هذه الفوضى والتسيّب في كثير من أيام السنة وخاصة أيام الإجازات القصيرة والطويلة وعطلات نهاية الأسبوع وأحياناً في الأيام الأخيرة من العشر الأواخر من رمضان بحجة أداء العمرة وعدم تفويت الأيام الفضيلة وكأن أحدهم يتصوّر أن الذهاب إلى مكة أهم من عمله رغم فتاوى العلماء وفّقهم الله وتأكيداتهم أكثر من مرة بعدم جواز ترك العمل في المساجد لأعذار مثل هذه.

في أيام الإجازات تكاد تخلو المساجد من الأئمة والمؤذنين فيفسح المجال لأناس لا يحسنون الأذان ولا القراءة ولا إمامة الناس ما يستدعي إعادة النظر في أسلوب التوظيف الحالي وهو أسلوب توظيف المتعاونين فبعضهم يعمل في أكثر من جهة ولا يجد إلا الوقت القليل ما يعني أن حضوره للمسجد محدود للغاية, ولذلك فاتجاه وزارة الشئون الإسلامية بدراسة الوضع الحالي مطلب الكثيرين وطرح فكرة ترسيم الأئمة والمؤذنين ضمن كادر الموظفين وبتفرّغ كامل سيؤدي لنتائج تنعكس إيجابياً على المساجد وتفعيل دورها الدعوي والاجتماعي وتحسين بيئتها ومتابعة شئونها بشكل مستمر, وسيتيح المجال لكثير من العاطلين من خريجي الكليات الشرعية والدعوية في الحصول على وظائف وخاصة أن المساجد تؤمّن للإمام إضافة للراتب السكن المناسب, فهل تحل الوزارة هذه المعضلات ونرى عن قريب موظفين رسميين في المساجد؟