ذكرت في المقال السابق يوم الأربعاء الماضي مخاوف قد تستغل في المستقبل لتصبح (أفخاخاً) من أجل الحد من الابتعاث، وأشرت إلى أن وزارة التعليم العالي تعرف جيداً الخيط الرفيع والفاصل ما بين التنظيم وبين تضييق الفرص أمام الدارسين في جامعات الخارج.. وكان هذا تعليقاً على الإجراءات الجديدة التي اتخذتها وكالة الابتعاث بضرورة أخذ موافقة وزارة التعليم العالي في حال الرغبة في الالتحاق في الجامعات الخارجية، ونبهت إلى أهمية وضوح الإجراء وألا يكون مقدمة إلى فرض اشتراطات جامعات الداخل على المتقدمين للدراسة على حسابهم, وحرصاً على معرفة إبعاد هذا القرار لأنه يخدم الطالب أكثر من أي شيء آخر كونه سيوفر المال والوقت والجهد، ويقود بإذن الله إلى الاعتراف بالشهادة والمصادقة عليها ويمنع حالات التزييف والتزوير وبيع الشهادات ودكاكين الوثائق الدراسية التي تعمل على تدمير التعليم في بلادنا ونشر الفساد العلمي وتشويه مجتمعنا التي بدأت رائحة التزوير والتزييف تلصق بشهاداتنا وخبراتنا وجعلنا مجتمعاً معطوباً علمياً وأكاديمياً. حرصاً على الإيضاح باشرت بالاتصال بالدكتور ناصر الفوزان وكيل الابتعاث بوزارة التعليم العالي وحاورته وفهمت أن هذه الإجراءات جاءت كما أشار سابقاً وصرح لوسائل الإعلام أنها لخدمة للطالب المبتعث وحفاظاً على ماله ووقته وجهده والاعتراف بشهادته بعد التخرج. يشكر الوكيل د.الفوزان على تجاوبه السريع وعلى وضوح وشرح أبعاد هذا الإجراء حتى لا يفهم أنه مقدمة لإيقاف الابتعاث.
إن تسجيل أسماء المبتعثين على حسابهم أو طالبي الإلحاق بالابتعاث في الوزارة سواء القادمون للدراسة أو المقيمون في تلك الدول كان أسلوباً متبعاً في السابق، ولكن مع برنامج الابتعاث الأخير أصبح الضغط شديداً على وكالة الابتعاث، وزاد عدد المتقدمين مما دفع الوزارة إلى التسهيل، وسمحت بالتسجيل في الملحقيات الخارجية.. لكن ما يود أن يطمئن عليه المجتمع هو عدم فرض اشتراطات قبول الداخل على المتقدمين للدراسة في الخارج، وكأن الجامعات السعودية هي المعيار الوحيد للقبول، ونحن نعلم أن الكثير من الطلاب الذين (رفضتهم) جامعات الداخل بسبب عدم الاستيعاب للمتقدمين، وجدوا مقاعد لهم في الخارج، وللاطمئنان هذا الذي أكد عليه وكيل الوزارة د. ناصر الفوزان: أن يكون الجواز ساري المفعول، وتوفر المؤهل الدراسي الذي يسبق الدرجة التي يرغب دراستها, وقبول اللغة، والقبول في الجامعة الموصى بها في الدرجة والتخصص، والحصول على تأشيرة الدراسة, والفحص الطبي الروتيني، وموافقة ولي الأمر للطالبات وإجازة دراسية للموظفين.
فما يحدث ويتم تداوله حالياً التشويه الواسع للمجتمع السعودي والخليج من إغراق مجتمعنا بالشهادات المزورة والمزيفة وبيع الشهادات الأكاديمية عبر برامج غطائها دراسي ووقعها تجاري بالتعاون مع معاهد وأكاديميات وربما جامعات تمنح الشهادات بالمراسلة وليس لها اشتراطات أكاديمية وإدارية. وهذه الخطوة التي تبنتها وكالة الابتعاث ستحد -بإذن الله- من عمل دكاكين البيع والتزييف وتفرض الجدية على المتقدمين وتشدد المراقبة على وسطاء ومكاتب الابتعاث الوهمية، فقد كان فيما مضى عملية التفافية أن يأتي القبول والإلحاق من الخارج عبر فرض الواقع على الوزارة، وفي هذه الخطوة تعديل المسار ليصبح صحيحاً والأقل كلفة مالية وزمنية ليكون القبول من الداخل ومن الوزارة والجهة المعنية بالابتعاث.