حل علينا وعلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، شهر من صامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، شهر فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، أي أحسن من ثلاث وثمانين سنة وأربعة شهور، فما أعظمها فرصة لمن يريد الفوز بمغفرة الله ورضوانه ودخول جنته التي عرضها السماوات والأرض، أعدت للمتقين، والنجاة من نار وقودها الناس والحجارة.
لقد كان المسلمون في عهد رسول الله وخلفائه الراشدين وصحابته والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان المبارك وستة أشهر أخرى ليتقبل الله منهم صيامهم، أما نحن في هذا الزمن عندما يهل علينا شهر رمضان يجدنا مستعدين له ولكن بماذا؟
إن استعدادنا في جلب الطعام والشراب فقط يهرع الكل رجالا ونساء إلى الأسواق التي استعدت هي الأخرى، والشراء بالجملة وليس القطاعي، ويشترون منها ملء أعينهم وكل شيء وبعدها يذبحون الذبائح وتملأ الفريزرات باللحوم، ويتم تصليح المكيفات وتركيب الهوائيات، وترى الشباب يسهرون حتى طلوع الشمس في لعب الكرة في الميادين ولا تحلو لهم الدورات الرياضية والمسابقات الكروية إلا في شهر رمضان والتجوال في الأسواق والتفحيط بالسيارات والآباء والأمهات فحدث ولا حرج، تجدهم في منازلهم مع الفضائيات التي تزداد فتنة ودلالا مع قدوم شهر رمضان، وطبعا مع سبق الإصرار والترصد، ولا تنسوا المسابقات المليونية والمطربين والمطربات شبه العاريات ومسلسلات الحب والغرام، ليلنا كله سهر والعياذ بالله في الباطل، ونهارنا كله نوم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو شهر التوبة والغفران وشهر دخول الجنة، وشهر العتق من النار، فهل اغتنمنا جميعا هذه الفرصة الثمينة والنادرة التي ربما لن تتكرر على المسلم؟ هل يوجد عذر للمسلم الذي حضره شهر رمضان شهر التوبة والغفران ولم يتُب توبة نصوحا ولم يستغفر الله غفار الذنوب؟ هل يوجد عذر لمن حضره رمضان ولم يدخل الجنة ويعتق من النار؟ من يضمن لنفسه البقاء حتى رمضان القادم حتى يتوب ويستغفر ومن يضمن لنفسه إكمال هذا الشهر بل من يضمن إكمال اليوم الأول منه؟ لذلك علينا أن نغتم هذه الأيام بالصيام وقراءة القرآن والاستغفار والتوبة النصوح والله يحب التوابين.اللهم اجعلنا من صوام هذا الشهر وقوامه ومن عتقائه من النار والله من وراء القصد.
عبد المطلوب مبارك البدراني - وادي الفرع - الريان