مانفريد جيرستينفيلد:
ظلت الحكومة الهولندية الحالية واحدة من أقرب الأصدقاء إلى إسرائيل منذ فترة طويلة، حيث كانوا يصرحون دومًا أن «هولندا ترغب في تعميق روابطها مع إسرائيل»، وقد زاركل من وزير الخارجية يور روزنتال، وهو من الحزب الليبرالي، ووزير الاقتصاد ماكسيم فيرهاجن، وهو من الحزب الديموقراطي المسيحي في الحكومة، إسرائيل في يونيو الماضي، وصحبهما وفد تجاري هولندي بلغ قوامه 70 شخصًا، جاءوا ليبحثوا أفق التعاون مع نظرائهم الإسرائيليين، وتم حينها إنشاء مجلس للتعاون الثنائي بين إسرائيل وهولندا.
توجه الحكومة الهولندية تجاه إسرائيل ربما يتغير بصورة جذرية بعد الانتخابات القادمة، فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن الحزبين الكبيرين سيكونان الحزب الليبرالي بقيادة رئيس الوزراء مارك روت، والحزب اليساري الاشتراكي الذي يتحول بسرعة إلى الراديكالية وهو الحزب الاشتراكي، ومن المتوقع أن يحصل كلاهما على 30 مقعدًا، أما الحزبان الأكبر في الفترة الماضية وهما حزب العمال والحزب الديموقراطي المسيحي فمن المتوقع أن تتدهور شعبيتهما، ومن المتوقع أن يخسركلاهما عشرة وخمسة مقاعد على الترتيب من مقاعدهما الحالية البالغ عددها 30 و21.
لذا فالأكثر احتمالاً أن يتم تشكيل حكومة جديدة يقودها زعيم الحزب الاشتراكي إميلي رويمر تشمل حزب العمال وحزب الخضر الأصغرحجمًا والحزب الليبرالي ذي التوجه اليساري والحزب الديموقراطي 66، الذين لا يمكن استثناؤهما أيضًا. ويبدو أنها ستكون حكومة معادية لإسرائيل بصورة كبيرة. فقد صرح الحزب الاشتراكي في برنامجه الانتخابي أن هولندا ستدعم حل الدولتين، وهي تصريحات مخادعة تهدف إلى أن تتحلى بصورة محايدة، كما صرح الحزب الاشتراكي أيضًا أنه سوف يعترف بدولة فلسطينية مستقلة وسيبذل جهوده لكي تصبح عضوًا بالأمم المتحدة.
إذا ما فاز الحزب الاشتراكي فإن هولندا سوف تدعم حوارًا دوليًا مع كافة ممثلي الفصائل الفلسطينية، وهذا يعني للحزب الاشتراكي حماس بكافة أدبياتها التي تدعو إلى إحراق اليهود، وستكون شريكًا مقبولاً لهم، ولا توجد كلمة توبيخ في برنامج الحزب عن تلك الدعوات للقتل الجماعي ضد اليهود. كما يقول الحزب أيضًا أنه «طالما تستمر إسرائيل في بناء المنازل بصورة غير قانونية في الأراضي المحتلة فإن هولندا سوف تدين هذا وسوف تضغط على الاتحاد الأوروبي لوقف الاتفاقية مع إسرائيل، والتي من المفترض أن تمنحها مميزات تجارية لصادراتها لدول الاتحاد الأوروبي».
أما برنامج حزب الخضر فيسير في الاتجاه ذاته المعادي لإسرائيل، فهو يزعم أنه يستند إلى القانون الدولي، فإذا كان الأمركذلك فكان يجب عليه أن يحاول أن يجلب قادة إيران أمام المحكمة الدولية بسبب انتهاكهم لميثاق الأمم المتحدة فيما يتعلق بالتحريض على الإبادة الجماعية، والخطوات ذاتها يجب اتخاذها فيما يتعلق بقادة حماس الذين يدعون إلى القتل الجماعي لليهود.
الخضر لا نية لهم لفعل ذلك، فهم في المقابل يريدون أن «يبحثوا عن وسائل دعم لوقف اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل إذا ما استمرت الأخيرة في خرق القانون الدولي وحقوق الإنسان».
وقد عرّض حزب العمال نفسه للسخرية بسبب برنامجه السابق المعادي لإسرائيل في انتخابات يونيو 2010، ففيما عدا جملة واحدة متعلقة بالقرن الإفريقي فإن الجزء الخاص بالمناطق غير المستقرة حول العالم تم تخصيصه بالكامل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بنبرة معادية لإسرائيل بصورة واضحة، وفي هذه الانتخابات فإن البرنامج يقول بصورة أكثر غموضًا أن هولندا سوف توقف سياستها المؤيدة لإسرائيل وستنحاز إلى سياسة الاتحاد الأوروبي.
أما حزب الحرية بزعامة جريت فيلدرز فربما ينتهي به المطاف في المركز الثالث، بما يقارب 20 مقعدًا. فبرنامجه يشير إلى أنه يهدف إلى البقاء في صفوف المعارضة في الفترة البرلمانية المقبلة التي من المتوقع أن تشهد صعوبات اقتصادية، ويركز على أن هولندا يجب أن تخرج من الاتحاد الأوروبي وأن الإسلام لا يجب أن يعامل على أنه ديانة ولكن كأيدلوجية.
أما حزب الحرية الذي يُرى على أنه حزب مؤيد لإسرائيل، فيهدف في الوقت ذاته إلى منع الذبح كشعيرة دينية، حتى لوتم ذلك بعد الصعق، وتلك واحدة من الطرق الكثيرة التي يهدف فيها الحزب أن يحد من انتشار الإسلام في هولندا، بما في ذلك تحريم نشر القرآن.
وهذا الموقف يعد أكثر قوة من مواقفه في العام الماضي عندما سن قانون ذبح الحيوانات، الذي هدف إلى منع ذبح الحيوانات بدون صعقها، ومرر القانون في الغرفة السفلى من البرلمان، ولكنه فشل في تمريره في مجلس الشيوخ، وكان عضو حزب الحرية الوحيد من كتلته البرلمانية الذي صوت ضد هذا القانون هو ويم كورتينوفين، وقد غادر الحزب مؤخرًا ولن يترشح في الانتخابات المقبلة.
سيظل الحزب الليبرالي مواليا لإسرائيل، ولكنهم في الوقت ذاته لن يستطيعوا أن يشكلوا ائتلافًا مع الأحزاب المشابهة لفكره. وأكبر مؤيدي إسرائيل بين الحزب الديموقراطي المسيحي هو الوزير فيرهاجين الذي سيتقاعد من الحياة السياسية، ولكن في الوقت ذاته، وبسبب ارتفاع شعبية الحزب الاشتراكي، فإن عددًا إضافيًا من مؤيدي المحرضين على القتل من الفلسطينيين سوف ينضمون إلى البرلمان الهولندي.
(يديعوت أحرونوت) العبرية