«ستنفذ المحارم كُثرَ ما تبكين»..»لكن ألم تشاهدي كم هو مؤثر، اكتشف يسار أنّ يارا ابنة عدو أبيه وبين عائلتيهما ثأر ودم»
كانت ملامح نور جامدة لا أثر فيها لأية مشاعر فقالت وهي تحث سناء على النهوض:
«هيا قومي للنوم، أنتِ متعبة عزيزتي وهذا البكاء سيؤثر عليكِ سَلباً»
ثارت سناء وقالت بشكوى:
«لِمَ لا تملكين أية مشاعر؟ إنكِ حتى لا تسايرينني في تأثري بأي مشهد محزن أراه»
صمتت نور، وصارت تشغل نفسها بترتيب المكان لكن إصرار سناء على معرفة الجواب جعلها تبتسم وترد قائلة:
«نعم عزيزتي، هذه هي أنا لا مشاعر لديّ!»
رفعت سناء عينيها بتعجُّب إلى نور وبكت من جديد ليس من أجل بطلة المسلسل هذه المرة، لكن من أجل القسوة الشديدة التي كانت تنضح من كلمات نور التي استطردت ببرود كالثلج:
«لقد تخلّصتُ من مشاعري منذ زمن طويل، هل تعلمين! لقد رميتُ بها في البحر»
بقيت سناء صامتة والصدمة بادية على محياها, وتلقت نظرة مباشرة من عيني نور التي تكلمت بهدوء شديد ممزوج بسخرية مريرة..
«تعالي .. هل تريدين أن أعلمكِ كيف تتخلّصين من مشاعرك, لترتاحي؟»
«نور»
«نعم»
«حاولتُ ذلك مراراً ولم أفلح, فرغم علمي ويقيني أن المشاعر هي سبب بؤسي وشقائي ومرضي في أغلب الأحيان، إلاّ أنها كل ما أملك فإذا أنا رميتها لن يبقى لي شيء, لن أساوي شيئاً عندها, هل تدركين ما الذي يعنيه ذلك؟ «
رفعت نور حاجبها الأيسر باستغراب وقالت:
«هل تقصدين أنني أنا الآن لا أساوي شيئاً «
سارعت سناء بالرد:
«لا لا، أنا أتحدث عن نفسي, لأني وجدتُ أنّ الحياة بلا مشاعر لا طعم لها أبداً, أما أنتِ فبالتأكيد لديكِ أشياء أخرى تشغل عقلك, أشياء غير مشاعركِ «
وابتلعت سناء ريقها بتوتر خشية أن تكون قد جرحت صديقتها بدون قصد..
ابتسمت نور بهدوء وراحت تطفئ الأنوار معلنة بصمت عن انتهاء الحديث، فتوجّهت سناء لتأوي إلى فراشها علّها تجد بعض الراحة بعد ثورة المشاعر تلك..
بعد برهة من الزمن وبينما سناء تتصارع مع وسادتها لتنام، سمعت صوت نور عند الباب وهي تقول
«أنا شخص لا يستطيع العيش مع مشاعره»
صمتت قليلاً ثم أكملت:
«لأنني أفتقد القدرة على تحمّل الواقع»
«لكن هذا يعتبر هروباً من الواقع»
«نعم، هذا صحيح.. أصبت يا صديقتي..إنه كذلك بالفعل»
«نور, هذا اعتراف ضمني منك بالضعف, هل تعتبرين نفسك شخصاً ضعيفاً عزيزتي»
« لنقل أنني شخص حساس للغاية, لهذا من الأفضل السيطرة على هذا الأمر, وأفضل وسيلة لذلك هي بأن أتخلّص من مشاعري التي أعتبرها نقطة ضعف أكره الاعتراف بها»
«أنتِ لم تتخلصي منها، لقد حبست مشاعرك بداخلك.. وتحاولين التظاهر بالقوة أمام الجميع»
حاولت عينا سناء أن تخترقا الظلام علّها تستطيع التدقيق في ملامح صديقتها العزيزة وزميلتها في السكن لكن نور تقصّدت أن لا تنير الغرفة, هل تخفي شيئاً ما يا ترى؟ دموعها ربما! عندها قالت سناء لتروح عن نفس نور
«إذن أنتِ ضعيفة ترتدين قناع القوة.. سأفضحكِ في العمل غداً»
«سناااء أذبحكِ لو فعلتها»
انفجرتا ضاحكتين وكلٌّ في قرارة نفسها قد اكتشفت حقيقة جديدة.