قبل يومين توفي أول إنسان مشى على سطح القمر وهو الأمريكي (نيل ارمسترونغ) قائد مركبة (ابولو11) التي هبطت على سطح القمر العام (1969م)، إنه يوم سيُعاد تسجيله في ذاكرة التاريخ لتسمعه (مرة أخرى) وأنت تتساءل عن من عاصروا ذلك الزمن وتلك الحقبة متناسياً أنك منهم وأن الفرق أنه سيقال بعد عام (حدث في مثل هذا اليوم) من العام الماضي..!.

من يعيش ضمن (جيلنا الحالي) فقد عاصر أحداث عالمية كبرى سجلتها الذاكرة واحتفظت بها كنقاط تحول جذرية غيرت معالم عدة، بدءاً من الثورة المعلوماتية لتقنية الاتصالات والتواصل الاجتماعي، وانتهاءً بالثورات العربية وسقوط عدد من (الأنظمة الدكتاتورية) التي بدأت الدورة الأولى لسقوطها تعود تحت مسمى (حدث في مثل هذا اليوم)..!.

إن ذاكرة الإنسان بتركيبتها لن تحتفظ بكل شيء (تراه أو تسمعه) ولن يستطيع الإنسان الإلمام بكل ما يحدث حوله وفي جميع المجتمعات، وحتماً سينسى عدد من الأحداث التي وقعت وسمع عنها أو شاهدها في الفضائيات وعلى الشاشات بفعل تسارع الأحداث وعدم مبالاته وتبلده أحياناً..!.

ولكنه عاش ضمن (الدائرة الزمنية للحدث) حتى لو لم يذكره، فلماذا نذكر بعض الأحداث التي نعيشها ولا نذكر البعض الآخر..؟!.

لن أجيب، ولكن هناك أحداث مثل لحظة (ولادتك) عشتها بكل تأكيد ومن المؤكد أن لا أحد منا يذكر مثل ذلك اليوم الآن وإن كان الجميع يتذكره في كل عام، إنها مفارقة عجيبة تنطبق كذلك على ذاكرة (كبار السن) الذين عاصروا أحداثاً عالمية سياسية وثقافية لم يعودوا يذكرونها الآن..!.

العلماء يصنفون الذاكرة إلى ثلاث أنواع: ذاكرة قصيرة (لحظية) وذاكرة عاطفية لا تنسى إطلاقاً وذاكرة طويلة يتم تذكرها عبر الشهود والسنين، فالقصيرة لأحداث تنتهي بانتهاء اليوم أو الحدث، والعاطفية تعيش معك مجمل الوقت وتنشط مع كل حدث جميل بلحظة عشتها لتتذكرها. أما الطويلة فهي التي تحتاج لتنشيط من أجل استعادتها مرة أخرى..!.

ويمكن قلب الآية لمعرفة أهمية الأحداث بالنسبة إليك والتي تمت في مثل هذا اليوم، ومعرفة إذا ما كانت الذاكرة تحتفظ بها أم لا ؟!.

بعيداً عن أيام الاكتشافات والابتكارات والاختراعات والمعارك والحروب والثورات هناك أيام لا يمكن أن يذكر الإنسان أنه تم خلالها (زواج أبويه) وبالمقابل هناك أيام سيحفظها عن ظهر قلب (كتاريخ زواجه) وتاريخ (ولادة زوجته)..!.

وفي حال تصنيف هذه التواريخ في (الذاكرة القصيرة) أو (الذاكرة الطويلة) فحتماً سيكون الزوج هو الحدث في مثل ذلك اليوم..!.

وعلى دروب الخير نلتقي.