بين فترة وأخرى نشاهد مباني ضخمة متعددة الأدوار والأبراج في مواقع هامة وحيوية، على شوارع وطرق رئيسة، تظل لسنوات معطلة دونما استثمار، فلا عائد مادياً لصاحبها تحقق، ولا على المجتمع بقنواته الخدمية بما فيها الخيرية. فمثلاً ترى أكثر من مشروع عقاري على طريق الملك فهد والملك عبدالعزيز والملك عبدالله، والعليا، والتخصصي، بالرياض ومثلها في الدمام وجدة وغيرها من المدن، ومثلها مشاريع صناعية وتجارية وزراعية وسياحية، كالفنادق والمتنزهات، مشاريع مرَّ عليها سنوات من التشغيل تدر دخلاً سنوياً، والآخر منها قطعت شوطاً في التنفيذ، ثم توقف قبل مرحلة التسليم النهائي، وبعضها مر عليه قرابة العشرين عاماً أو تزيد، وهي عبارة عن هياكل خرسانية تشوه الشارع والحي والمدينة، وتجلب الريبة والأذى للمجاورين، وتهدد سلامة المارة، وأصبحت خطراً أمنياً على ساكني الحي، حيث تحولت إلى بؤر للمشبوهين ومحترفي الجريمة نتيجة التقادم، باعتبارها ظلت مهجورة ومهملة لمدة طويلة دونما حراسة أو متابعة. هذا، ومثلها مشاريع ومرافق حكومية متعثرة ظلت معطلة لسنوات دون إكمالها والاستفادة منها لأسباب عدة.
هذه المشاريع بعضها يتعرض أحياناً لأخطاء وتصرفات إجرائية من مسؤول في الجهة المعنية، أو لحالات من الخلاف والإشكالات الحقوقية، يصل لدرجة من التشدد والعناد بل والخصام بين الأطراف ذوي العلاقة، المالك، المطور، الممول، المقاول، الاستشاري، الشركاء، الورثة، المجاورون، أو جهة حكومية، كالبلدية مثلاً، مما يتطلب التدخل من قبل طرف ثالث (لجان صلح وتوفيق) تشكل لهذا الغرض، سواء في الغرف التجارية أو المجالس البلدية والبلديات وأمانات المدن، أو في المحافظات وإمارات المناطق، يشترك في عضويتها ممثلون عن تلك الجهات لمتابعة مثل هذه المشاريع المتعثرة باعتبارها نشاطات استثمارية تشكل جزءاً من اقتصاد الوطن وتنميته.
توقف هذه المشاريع عن العمل أو تأخير تنفيذها (ثروات معطلة وأموال مهدرة) يشكل ضرراً مادياً ومعنوياً للمواطن، وخسارة لاقتصاد الوطن، كما يحرم الجهات الخيرية من الحصول على عائد من الإيراد في شكل زكاة شرعية ومساهمات خيرية يصلها من ملاكها، كما أن التأخير أو التعطيل سيكون سبباً في عدم وصول بعض المستحقات لأصحابها، مما ينشأ بسببها الدخول في قضايا وإشكالات تسيء العلاقة بين أعضاء الأسرة الواحدة، أو بين أصدقاء المرحلة العمرية والمهنية، وهو ما يدعو إلى تشكيل لجان لسرعة التدخل لحل الخلاف بين عدد من أصحاب الشأن، حفاظاً على العلاقة التي نشأت بين تلك الأطراف لفترة خلت بطريقة ودية، وتلافي تطوره، وسلبيات اللجوء للجهات القضائية والحقوقية والأمنية للتدخل في مثل هذه الحالات وإطالة أمدها دون حل. وبالله التوفيق.
alomar.mas@hotmail.com*الأمين العام المساعد لمجلس الغرف السعودية (سابقاً)