أشرت يوم الأربعاء الماضي إلى تصنيف شنغهاي الصيني للجامعات بأنه أصبح أمراً واقعاً للجامعات السعودية من أجل معرفة تصنيف الجامعات السعودية وسط الجامعات العالمية, وأيضاً معرفة ترتيب الجامعات في الداخل, والتي ظهرت حتى الآن ثلاث جامعات هي جامعات: الملك سعود، والملك فهد, والملك عبد العزيز.
هذا يشكل رأياً وخياراً للتعليم الجامعي بأن نقبله أو نرفضه, لكن هل نعمل به أو نهمله هذا هو السؤال المحوري..
الرأي الثاني المضاد لتصنيف شنغهاي أو لنقل الرأي غير المرحب بالتصنيف ينطلق من الواقعية المجتمعية والفكر التخطيطي بالمملكة: تحتاج المملكة في هذه المرحلة إلى نشر التعليم الجامعي في أوسع نطاق في عواصم المناطق والمحافظات والمدن الصغيرة من أجل توزيع الفرص وفتحها أمام أبناء المجتمع بالتساوي دون حصرها على مناطق أو مدن محددة أو فئة بعينها.. أصحاب هذا الرأي ينطلقون من فكرة أننا في مرحلة نشر التعليم الجامعي، وبأن التعليم الذي يتماشى مع معايير شنغهاي يأتي في مرحلة ثانية بعد أن تكتمل خطة وزارة التعليم العالي في افتتاح وإنشاء الجامعات في المحافظات والتجمعات السكانية.
إذن نحن في مرحلة الانتشار وافتتاح الجامعات التدريسية (التعليمية) ولم تحن بعد مرحلة الجامعات البحثية..
لكن السؤال لماذا لا نجمع بين المرحلتين: الجامعات التدريسية والبحثية؟ ولدينا ولادة جديدة لجامعة بحثية أنشئت على هذا الأساس هي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بجدة، وقبل ذلك أنشئت جامعات تخصصية هي جامعة الملك فهد تخصصت في البترول والمعادن، وجامعة الإمام محمد بن سعود, وجامعة أم القرى، والجامعة الإسلامية تخصصت بالعلوم الدينية.. ولو سرنا في هذا الاتجاه الجمع بين المرحلتين سوف نصطدم بالواقع الاجتماعي وهي معضلة حقيقية ومازالت الجامعات تعاني منها ولم تتعاف بعد من تلك الأزمة القائمة وهي قبول الطلاب وأيضاً تسجيل الطلاب في التخصصات التي يرغبونها وتتناسب مع تأهيلهم وإمكاناتهم العلمية.
فإن شروط تصنيف شنغهاي تقود إلى تحول الجامعات السعودية إلى جامعات بحثية وهذا يتعارض مع أمرين هامين هما:
الأول: تعارضها مع خطط الدولة التنموية في نشر التعليم الجامعي وتنوعه ووعي المجتمع وتأهيله بالدرجات العلمية وشغله لوظائف الدولة التعليمية والطبية والهندسية والفنية وجميع المهن التي تحتاجها قطاعات الدولة وهذا لا يتحقق بشكل قياسي وسريع إلا من خلال الجامعات (التدريسية والتعليمية) في تخريج الكفاءات من الطلبة والطالبات.
الثاني: التوسع في قبول الطلاب، فإن معايير تصنيف شنغهاي قد لا يتفق وخطط الدولة التنموية لأن معاييرها تتطلب تقليص عدد الطلبة في الجامعات. وخفض أعداد القبول إلى النصف في بعض الجامعات لأنها تهتم فقط بالكيف والنوعية والتمايز والتنافس الشديد بين الطلاب..
وهذا قد لا يكون مناسباً في هذه المرحلة التي نحتاج إلى التوسع في نشر التعليم الجامعي واستيعاب الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة..
والسؤال الإضافي: هل نغلق باب التصنيفات العالمية نهائياً وننغلق داخلنا ونجعل جميع جامعاتنا تعليمية وتدريسية وننفصل عن العالم؟ أم نأخذ بالرأي الذي يقول الجمع بين المرحلتين التدريسية والبحثية بفتح المزيد من الجامعات البحثية والنوعية أو المتميزة إلى جانب نماء الجامعات التدريسية؟