|
الجزيرة - محمد السهلي:
كشفت تقارير إعلاميَّة غربيَّة أن مصرفين ماليزيين يطمحان لزيادة توسُّعهما في الخليج عبر نفاذهما إلى سوق الصكوك السعوديَّة بعد أن وصلت مبيعات هذه السندات الإسلاميَّة إلى أكثر من 2.3 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من هذه السنة، وفقًا لبيانات موقع زاوية الاقتصادي.
حيث رفع بنك «ماي بنك» مضاعفة حصته في بنك استثماري سعودي إلى 35.2 في المئة وذلك بحسب تصريح تينقكو زافرول، رئيس الوحدة المصرفية الاستثمارية، لوكالة بلومبرج. ويتابع: «لدى السعوديَّة أضخم قاعدة مستثمرين للصناديق والصكوك في الخليج كلّها. فنحن نرى بوجود فرص استثمارية خلال الثلاث إلى الخمس سنوات القادمة. فعلينا أن نبني شبكتنا هناك».
وعلى الطرف الآخر كشف باديله عبدالغني، المدير التنفيذي للوحدة الإسلاميَّة ببنك سي آي ام بي، أن بنكه سيجري محادثات هذه السنة مع شركاء محتملين يعملون بداخل أكبر اقتصاد عربي وذلك من أجل ترتيب إصدارات الصكوك
وبحسب بيان صحفي تَمَّ إصداره بموجب أنظمة هيئة سوق المال الماليزية فإن أضخم بنك ماليزي (ماي بنك) قد أعلن في العاشر من أبريل عن دفعه ما مقابل 2.8 مليون دولار وذلك من أجل شراء 17.2 في المئة من مصرف «أنفال كابيتال» التي تُتَّخذ من جدة مقرًا لها. لترتفع بذلك حصة البنك الماليزي إلى 18 في المئة. وقال المصرف الماليزي، وفقًا لتقرير بلومبرج: إنهم يتطلعون لتقوية وضعهم في سوق القروض الشرعية المجمعة (Syndicated Loans) وإصدارات الصكوك وتمويل المشروعات بالسعوديَّة.
في حين أوضح عبد الغني أن وحدته الإسلاميَّة تخطط للتحدث مع شركائها بنهاية الربع الثالث عن بحث مسألة تقديم خدمات مصرفية التجزئة الإسلاميَّة وخدمات الاستشارة.
وبحسب بيانات بلومبرج، فإن بنكي ماي بنك و»سي أي ام بي» قد تصدرا مجتمعين قائمة أكبر مرتبين للصكوك على مستوى العالم. فعلى سبيل المثال فقد وصل إجمالي إصدار الصكوك في 2011 إلى 36.3 مليار دولار واستحوذ بنك سي آي ام بي على 21 في المئة وماي بنك على 20 في المئة. ليزحزحوا عن القائمة بنوك بريطانية وفرنسية شهيرة.
الهجرة نحو الخليج
يعلّق على ذلك محمد أزهري كامل، المدير التنفيذي لبيت التمويل الآسيوي: «تبحث البنوك الماليزية عن التوسع في الخليج. فامتلاكهم لأسهم بمؤسسة ماليَّة يظهر مدى التزام هذه البنوك (بمنطقة الخليج)».
وساهم انخفاض العائد المفترض دفعه لحملة الصكوك في زيادة أعداد الصكوك الجديدة في السوق. وقامت السعوديَّة بزيادة الإنفاق على مشروعات التَّعليم والإسكان والتوظيف وذلك من أجل تحسين مستوى المعيشة. وهذا ماساعد اقتصاد المملكة بالتوسع بسرعة فائقة مقارنة بالثماني سنوات الماضية. وتوسع اقتصاد الـ435 مليار دولار بنسبة 6.8 في المئة في 2011 وهو أكثر توسع للمملكة منذ 2003.
وأعلنت الحكومة السعوديَّة في السنة الماضية عن خطة إنفاق بقيمة 130 مليار دولار من أجل بناء المنازل وخلق مزيد من الوظائف وذلك بعد أن خصصت في 2010 ما يصل إلى 384 مليار دولار على مشروعات الإسكان والمواصلات وبرامج التَّعليم، بحسب ما ورد في تقرير وكالة بلومبرج. ويصل تعداد سكان المملكة إلى 26.5 مليون نسمة.
عوائق التوسع
وفي الوقت الحاضر، فإن نمو البنوك الإسلاميَّة في الخليج العربي وخارجه يزيد من عبء توفير فقهاء مصرفيين على درجة عالية من فهم للمشتقات المالية. وهو أمر يسبب مشكلة إلى حد ما، حيث إن البنوك تجلب إلى السوق منتجات ماليَّة معقدة بشكل متزايد.
إن نقص العلماء المختصين يتناقض بشكل حاد مع معدل البطالة المرتفع في العديد من بلدان الخليج العربي، ويؤكد الفجوة المستمرة بين النظام التَّعليمي في المنطقة، واحتياجاتها المهنية.
ويطرح ذلك اختبارًا متواضعًا حول ما إذا كانت بلدان الخليج، التي اعتمدت في العقود الزمنية الأخيرة على الخبرات المستوردة لإدارة اقتصادياتها، بإمكانها تدريب مواهب محليّة كافية لدعم الصناعة التي تنمو محليًّا على نطاق كبير.
ووفقًا لتقديرات صناعة الصيرفة الإسلاميَّة فإنه لا يوجد أكثر من عدَّة عشرات من العلماء ممن يملكون «المزيج» المناسب من المعرفة في القانون الإسلامي، والتمويل المعاصر، واللغة الإنجليزية الفنية، وهي لغة المصرفية العالميَّة، لكي يخدموا في لجان الشريعة للمؤسسات المتمركزة في أنحاء الخليج العربي وخارجه. وفي حين أن السيرة الذاتية لكل من أولئك العلماء المتخصصين تختلف على نطاق واسع، إلا أنهم يميلون إلى كونهم درسوا القانون الإسلامي في الشرق الأوسط، وتلقوا تدريبهم الاقتصادي في الخارج..
ولا يخفي العلماء والمؤسسات التي يعملون فيها حقيقة وجود قوانين عديدة، أو يبدو أنهم يعانون مشكلة الولاءات المقسمة، أو التعارض المحتمل لدى تقديم الخدمات للمتنافسين.
في الواقع، يقول المصرفيون، هنالك ميزة في وجود عدد قليل من العلماء: إن ذلك من شأنه أن يقدم توحيدًا للمعايير، إذ إن وجود الآلاف من العلماء الذين يصدرون فتاوى متناقضة سوف ينشر الفوضى في قطاع الصناعة. ولا يوجد بيانات دقيقة تُوضِّح أعداد الفتاوى التي تَمَّ إصدارها حتَّى الآن. إلا أن آخر إحصائيَّة نشرها الإعلام الغربي في 2007م كانت تفيد بأنه في الـ30 سنة الماضية، فقد أصدر العلماء نحو ستة آلاف فتوى تتعامل مع المسائل المالية.
غير أن المصرفيين يقرون أن النقص يمكن أن يخلق مشكلة ولا سيما للقطاع الذي يسعى للحصول على مشورة العلماء في مراحل مبكرة جدًا من تطوير المنتجات المالية.
وقال يوسف طلال ديلورينزو، وهو عالم بارز في الشريعة الإسلاميَّة: لقد بدأ الأكاديميون والمصرفيون والمحامون، في السنوات الأخيرة، في تنسيق ما يمكن أن يوصف بإنشاء «ائتلاف» مصالح واهتمامات مشتركة على نطاق واسع - مما أتاح المجال أمام ظهور منتجات مبتكرة إبداعية تشمل صندوق تحوط يلتزم بمتطلبات الشريعة الإسلاميَّة.
وتحتاج الصناعة في منطقة الخليج العربي أيضًا إلى حل مشكلة القصور في محدودية الأدوات الماليَّة المتاحة للبنوك لإدارة سيولتها الخاصَّة، وعدم وجود سوق للأموال بين البنوك، وسوق ثانوية للدين، وغياب المقرض الأخير للمؤسسات التي تعاني مشكلات.