يرتبط العيد عادة بالفرح ومظاهر الاحتفال به من اللباس واستبشار الوجوه والنفوس؛ ولكنه جاء مختلفا هذا العام.
جاء العيد موسما ملتبسا, بعد إرهاق جسدي طويل من الصيام في موسم صيف ملتهب, وإرهاق نفسي أشد صعوبة على النفس من حيث تواصل الاستنزاف الروحي والبدني في معايشة موسم ممتد مليء بتأزمات الجوار القريب والأبعد.. حتى الأطفال - أحباب الله- بدت وجوههم متعبة وفرحتهم بملابس العيد الجديدة والعيدية المعتادة شاحبة الأصداء. الأخبار السياسية من الجوار أضافت المزيد من الحزن والاكتئاب.
تابعت باهتمام تفاصيل انعقاد مؤتمر التضامن الإسلامي ودعوت الله في ليالي القدر أن يمن على الأمة الإسلامية بالخروج من كوابيس تأزماتها وانفصامات شعوبها لتعود إلى الحوار البناء والفعل الإيجابي.
توقفت طويلا أفكر بتساؤل متفائل عند إعلان تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الثمانية.
وعلى ما أعرف فإن ما يجمع المسلمين جميعا في مختلف مذاهبهم أكثر بكثير مما يفرقهم ويفصلهم عن بعضهم من الإضافات التفسيرية الموضوعة من البشر. تجمعهم الثوابت التي نزلت بها نصوص التعاليم السماوية ويختلفون حول تفسيرات البشر لها بعد عشرات القرون.
ومع كل التناحر المستمر على أي تفسير بشري هو الأصح والأطهر أفقدنا الأمة الإسلامية قوة تجمّعها في كيان له وزن وثقل سياسي يهابه الآخرون, وروافد عطاء فكري وعلمي يبقيه في طليعة التطور الحضاري, وتميز التزام أخلاقي يقتدي به وينجذب إليه الآخرون.
حالنا اليوم مخزٍ ومؤلم لكل واعٍ ما زال يحتفظ بصفاء الرؤية ونقاء النية: ينساق بعضنا لدواعي التصدع المغرضة, ويؤجج بعضنا الفرقة التي يدعو إليها من يتمنى إضعاف أي تضامن محتمل في هذه المنطقة الغنية بروافدها المادية والروحية. وينسى بعضنا الأضعف إيمانا وشعورا بالانتماء أن المشاركة في تحطيم البناء الحضاري هو خسارة للجميع حين نفقد الأرض والسقف الذي يحمينا من الاستضعاف.
وكأننا لم نتعلم من أحداث التاريخ شيئا.
لا فائدة من التساؤل من نلوم على تصدع الحاضر؛ الأولى أن نركز على إجابة السؤال: من المسؤول عن إنقاذ المستقبل من هشاشة الحاضر؟.
والجواب بسيط: كلنا!
كلنا مسؤول عن التوقف عن مهاجمة الآخر, ومطالب بمصافحته لنبدأ العمل معا ونستعيد الأمل ووضح الرؤية والهدف.
ونحقق الفرح المنتظر..