“وفاق “.. اسم جميل لمشروع مجتمعي أجمل.. يهدف هذا المشروع الواعد إلى تيسير الزواج، ورعاية الأسرة الحائلية.. وجزماً يتفق العقلاء في مجتمعنا المعاصر على أهميته وضرورة العناية بمثل هذه المشاريع المجتمعية المفصلية ولذا انبرى له ثلة من أبناء المنطقة فأسسوا جمعية خيرية تحمل هذا الاسم الجميل الدال على معناه ومبتغاه.. هذه الجمعية الوليدة التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية تشهد مساء هذا اليوم الثلاثاء 24-10- 1433 هـ تدشينها والتعريف بها بصورة رسمية في مناسبة حفل الزواج الجماعي الأول الذي تقيمه هذه الجمعية الجديدة ويحظى بشرف رعاية وحضور صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز أمير المنطقة حفظه الله ورعاها،وبدعم مبارك من إدارة أوقاف صالح عبد العزيز الراجحي.
إن العنوسة.. وعزوف الشباب عن الزواج.. وارتفاع المهور.. وكثرة التكاليف المالية التي ترهق كاهل الشاب وهو يضع خطوته الأولى في مشوار حياته الجديدة الواعدة.. وكذا كثرة الطلاق بشكل مخيف وبصورة غريبة.. وربما عدم التوافق بين الزوجين وغياب روح الطمأنينة والاستقرار داخل هذا الكيان العزيز الذي قام على عقد شرعي وأساس قوي وميثاق غليظ.. إن هذه الإشكاليات المتربعة على جسد الوطن المتصدرة مشاكلنا الاجتماعية اليوم توجب بصدق دراسة الأسباب ومعرفة البواعث والقراءة المتفحصة للدوافع ومن ثم بذل الجهد الحقيقي للوصول إلى العلاج الفعال والسريع حتى نضمن سلامة سفينة المجتمع وهي تعبر عباب الحياة وصولاً لبر الأمان، إذ ليس منا من لا يعرف أثر هذا كله على مجتمعنا المحلي، كيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو القائل (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي وصححه الألباني وفي رواية “فساد عريض”..
نعم.. لقد تحدث الكثير من المصلحين والمثقفين فضلاً عن العلماء والمفكرين عن هذه الفتنة وهذا الفساد وحذروا من مغبة الامتناع عن تزويج المرضي في دينه وخلقه كم خوفوا من كثرة عدد المطلقات في المجتمع ومع ذلك كله لا زالت العقبات في وجه الشباب جاثمة, ولا زالت نسبة الطلاق في ازدياد!!، الأمر الذي جعل وزارة العدل تطرح قبل فترة قريبة فكرة رخصة الأسرة، وفي ذات الوقت دفع وزارة الشئون الاجتماعية الترخيص لعدد من الجمعيات الخيرية المختصة بهذا الأمر المجتمعي الهام..ولكن هذه الجهود الرسمية وهذا التحرك الإيجابي الرائع من قبل الوزارات المعنية يبقى بحاجة إلى أمر في غاية الأهمية - في نظري - ألا وهو تحرك رجال الأعمال وأصحاب الأموال لدعم هذه المؤسسات الخيرية التي هي خط الدفاع الأول أمام سيل المشاكل الاجتماعية الناجمة عن سوء فهم طبيعة الحياة الزوجية أو الجهل بحقوق وواجبات ركني هذا الكيان الهام أو ضعف أحد الطرفين في وسط الطريق وعجزه عن تحمل المسئولية جراء كثرة الأعباء المالية، أو السأم من إيقاع رتم الحياة الجديدة التي تختلف عن حياة العزوبة،، أو تدخل أطراف خارجية ربما أساءت من حيث لا تدري وهي في الأساس تريد الخير والإصلاح.
إن وجود الجمعيات واللجان الخيرية المختصة بالزواج والمعنية برعاية الأسرة باب خير مفتوح يستحق منا جميعاً ولوجه والدعم الكامل والشامل له كل حسب استطاعته وبما لديه من قدرات وملكات.. هذا بماله والآخر بجهده والثالث بجاهه والرابع بفكره ورأيه والخامس بقلمه والسادس.. والسابع.. والمستفيد من هذا الجهد المبذول - في النهاية - المجتمع الذي نعيش فيه والأسر التي نقابلها في شارع الحياة،ومتى صلحت وسعدت واستقرت أسرنا سعد واطمأن مجتمعنا، وهذا هدف غالي في حس المصلحين والدعاة والمثقفين بل لدى العامة قبل الخاصة والساسة.
إنني أهيب بأصحاب المبادرات الطيبة والأيادي الخيرة أن يكون منهم التفاتة صادقة إلى هذه الجمعيات المتخصصة التي لها علاقة مباشرة بزرع روح المودة والرحمة بين الزوجين فهي ذات أهداف غالية ونفيسة يأتي في مقدمتها التوعية والتثقيف للمقبلين على الزواج بطبيعة حياتهم الجديدة حتى يتسنى لهم دخولها وهم على بصيرة من أمرهم وليعرف كل طرف ماله وما عليه وذلك من خلال دورات مكثفة ومدروسة وعلى يد متخصصين وخبراء.. كما أن المستشار الأسري يبذل النصيحة ويحاول جهده لردم الهوة التي قد تنشأ بعد الزواج - لا سمح الله -رغبة في وقاية هذه الأسرة من عواصف الاقتلاع وهدم البنيان من القواعد..
مسك الختام.. شكراً صاحب السمو على الرعاية والتشريف.. شكراً إدارة أوقاف صالح عبد العزيز الراجحي على الدعم لهذه المناسبة التي يزف فيها مائة شاب من شباب منطقة حائل في مناسبة جماعية نفرح لها ونستبشر بها وحقها على الجميع الإشادة والثناء.. شكراً منسوبي جمعية وفاق الخيرية الجهة المنظمة لهذا الزواج الجماعي، والشكر موصول لكل صاحب يد بيضاء امتدت وستمتد يوم ما لمؤسساتنا الخيرية المباركة في وطننا المعطاء، وللمتزوجين.. نجوم هذا المساء (بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما بخير) دمتم بخير ودامت أفراحنا ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.