إن من أعظم نعم الله تعالى على هذه البلاد، والتي ربما لا توجد في غيرها من البلدان العربية والإسلامية، نعمة التوحيد والفطرة السليمة التي فطر الله جل وعلا عباده عليها، نعمة التوحيد الذي هو إفراد الله تعالى بالعبادة إذ هو الخالق، المدبر، المحي، المميت، الرازق، الباعث و المتصرف بالكون جميعه لا شريك له في ذلك ولا معين، و هذا مقتضى تو حيد الربوبية فكيف يكون له الشريك في الألوهية إذن؟ فيعبد غير الله وينذر ويذبح ويدعى ويخشى ويرجى غير الله إن هذا لهو العجب المبين الذي جعل الله عزَّ وجلَّ يتحدى القوم الكافرين المشركين بأن كان لهم عقول يفكرون بها بقوله سبحانه عند تقرير التوحيد في القرآن (أفلا يعقلون) لأن من كان عنده أدنى عقل ورشد لاهتدى إلى الحق والصراط المستقيم الذي هو دين الأولين والآخرين؛ فما من نبي بعثه الله جل في علا من نوح - عليه السلام - إلى محمد صلى الله عليه وسلم إلى وكانت تلك رسالته (أعبدوا الله مالكم من إله غيره)، (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت).
فما أجمل أن يتواصى الناس ويقوموا بتلك المهمة مهمة الرسل عليهم الصلاة السلام على أن يكون شعارهم كشعار الأنبياء من قبلهم (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)، (وما سألتك عليه من أجر إن أجري إلا على الله) يا ترى ماذا عسى أن يحصل للمجتمع إن هم قاموا بتلك المهمة؟
لا شك ولا ريب أنهم سيرون النور والهداية ويرون الأمن والاستقرار ورغد العيش في الدنيا قبل الآخرة فتلك هي ثمرات التوحيد التي ذكرها الله جل وعلا في كتابه، وذكرها رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته.
ولنضرب لذلك مثلا واضحاً للعيان يبصره كل إنسان فهذه البلاد - السعودية - من قرأ حالها قبل دعوة الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وكيف كانت تعيش في أنواع من الحروب الطاحنة التي تسببت في تمكين الجوع والفقر وقارنها بعد تلك الدعوة المباركة؛ حيث حل الأمن والاستقرار فيها بسبب إقامة شرع الله جل وعلا، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من التقدم والحضارة والرقي في شتى مجالات الحياة. كل ذلك بسبب تمكين توحيد الله جل في علا وإقامة شرعه فكان التوحيد شعاراً لهذه الدولة العظيمة يرفرف على علمها في شتى بقاع المعمورة وهي حقاً مثلاً صريح يقتدى بها
فلنعمل ونجاهد بقدر ما نستطيع لأجل ذلك، ولنعلم أن الصراع قائم بين أتباع تلك الكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله وبين أعدائها إلى قيام الساعة، وإن أعظم وأجب يتعلق بالفرد لأجل هذه الكلمة هو ترسيخ هذا المبدأ وتنميته في قلوب الأبناء؛ فهذا من حقهم الواجب على الآباء... وبالله التوفيق.
إمام مسجد الصحابة / الرياض - حي العزيزية