تبعاً لسلسلة مقالات ترشيد الطاقة التي نشرت في هذا العمود خلال الأسابيع الثلاثة الماضية, أود أن أتحدث كخاتمة لهذه السلسلة عن التحديات التي يواجهها المواطن الذي يريد الإسهام في هذا الهدف الوطني من خلال بعض تجاربي الشخصية التي مررت بها و يمر بها الجميع. أولا هناك التحدي الاجتماعي الذي يحارب من يريد ترشيد الكهرباء و ذلك بسبب عدم انتشار ثقافة الترشيد في المجتمع بإلصاق صفة البخل و الكبر (كبر السن) عندما يحاول أحد ان يطبق بعض الأعمال التي تساهم في الترشيد مثل إقفال الإضاءة في الأماكن التي لا يوجد بها أحد أو تثبيت درجة حرارة المكيف أو عدم الإسراف في الإضاءة و استخدام الأدوات الكهربائية.
كذلك عامل عدم اكتمال البنية التحتية للقطاعات التي من المفروض أن تساهم في ترشيد الطاقة مثل القطارات و الباصات و الطائرات. وأود أن أذكر مثالين حدثا لي شخصياً لتوضيح تأثير هذه التحديات على بعض الجهود الفردية التي حاولت المساهمة فيها بنية الترشيد. المثال الأول: حدثت قبل أسبوعين وفاة في مدينة الهفوف لأحد الأقارب رحمه الله بحيث اضطررت إلى السفر إلى الهفوف للتعزية، و كان عندي خيار الذهاب بالسيارة (الأرخص 20 ريال) أو القطار (الأعلى تكلفة 80 ريال). طبعاً تطبيقا لمبدأ الترشيد و الآية الكريمة (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون...الآية) أختر ت القطار و بالفعل سافرت بالقطار و أنا مرتاح نفسياً لمساهمتي البسيطة و نيتي باستغلال الوقت في القراءة و الكتابة. المهم, رحلة العودة مع الأسف الشديد تأخرت أكثر من ساعة بدون إعلان مسبق من المسؤولين في المحطة و كأن المسافرين وقتهم ميت لا قيمة له. بعد عدة محاولات مني و أخيراً استطعت إقناع بعض المسؤولين في المحطة الإعلان و الاعتذار عن التأخير و ذلك بعد أكثر من 45 دقيقة من موعد الرحلة. مع الأسف الشديد هذا التأخير الذي يعتقد المسؤولين في المحطة أنه عادي و ليس بالمهم أفقدني موعداً آخر مهم كنت مخططاً بالقيام به بعد الوصول إلى محطة الدمام حسب الجدول المعلن و المذكور في التذكرة. الحقيقة التي صعقتني تتمثل في عدم اهتمام المسؤولين و عدم احترامهم للمسافرين و وقتهم الثمين الذي قد يكون أعلى ثمناً من قيمة التذكرة.
المثال الثاني: اضطررت الأسبوع الماضي السفر إلى الرياض لمتابعة بعض الأمور في بعض الوزارات و كان عندي الخيار إما استخدام السيارة الشخصية بتكلفة قد لا تتعدى 50 ريالا أو استخدام القطار بتكلفة قد تتعدى 300 ريال. اقتصاديا السيارة أوفر و لكن ترشيدياً (إن صح التعبير) القطار أفضل. اخترت خيار القطار و تم الحجز و الذهاب إلى محطة الدمام قبل الرحلة بنصف ساعة لطباعة التذكرة و السفر. و بعد الانتظار طويلا في طابور نوافذ التذاكر و لبطء عمليات الحجز للمسافرين القلة أمامي مرت أكثر من 30 دقيقة قبل أن يأتيني الدور و تحرك القطار قبل الوصول إلى مسؤول التذاكر بالرغم أن القلة الذين قبلي كانوا يقومون بحجز لرحلات بعد عدة أيام. طبعاً عندما تتحدث لهؤلاء المسؤولين بالإسراع و تخصيص نافذة أخرى للرحلات المستقبلية لتجنب تأخير المسافرين تجد الرد الذي يدل على عدم المهنية في التعامل مع الآخرين و عدم الاهتمام إذا كان ذلك سوف يؤدي إلى تحرك القطار بعدد كبير من الكراسي الفارغة بالرغم من وجود طلب و مسافرين على هذه الرحلة. بطء الإجراءات لأكثر من 30 دقيقة وعدم وجود رحلات زمنية مجدولة بشكل فعال (الرحلة القادمة بعد 4 ساعات- المفروض أن تكون كل ساعة رحلة) أرغمتني هذه الظروف على استخدام السيارة و المساهمة في هدر الطاقة بالرغم من رغبتي الشديدة في المساهم في الترشيد و دفع 6 أضعاف التكلفة. هذه بعض الصور البسيطة -وأنا متأكد أن الكثير من لديه أمثلة أخرى- تشير إلى بعض التحديات التي يواجهها المواطن الذي يريد المساهمة في عملية الترشيد، و ما صعوبة الحجوزات في الخطوط السعودية من ذلك ببعيد.
www.saudienergy.net