بعد تحويل مديرية المعارف إلى وزارة وإسناد مهامها إلى الأمير فهد بن عبدالعزيز ـ آنذاك ـ كان ذلك بمثابة الإعلان عن انطلاق النهضة التعليمية في المملكة ، وفي منطقة الباحة كانت أولى ثمار هذه النهضة أن أصبح عدد المدارس التي تنشأ في كل عام ست مدارس ، كما أنشئت في العام 1374هـ معتمدية التعليم في المنطقة للإشراف على المدارس وتنظيم حركة التعليم ، ثم تطويرها في عام 1377هـ إلى إدارة التعليم ، وقد بلغ عدد المدارس الابتدائية في المنطقة (51) مدرسة تغطي معظم المنطقة ، وهنا لابد من الملاحظة أن اكتشاف النفط وبدء تصديره كان وراء هذه النقلة النوعية في حركة التعليم ، مقارنة بالفترة السابقة التي كانت فيها ظروف البلاد الصعبة والوضع الاقتصادي الضعيف يحولان دون تحقيق أي إنجاز هام على الصعيد التعليمي بالدرجة الأولى ، إضافة إلى أن العناصر الوطنية المؤهلة للتعليم لم تكن موجودة ، لذلك كان التوجه إلى الاستعانة بالخبرات التعليمية من الدولة العربية الشقيقة يمثل الطريقة الأفضل لمواكبة التطور في إنشاء المدارس وزيادة عدد الطلاب. إن النظرة البعيدة المدى هي التي كانت تتحكم في اتخاذ القرارات التعليمية في تلك الفترة ، والتي تعتمد على إعداد القوى البشرية والوطنية وتأهيلها للقيام بمسئولياتها التعليمية بدلا من الخبرات التعليمية العربية التي تمت الاستعانة بها ، وكان إنشاء أول معهد لمعلمي المرحلة الابتدائية في منطقة الباحة عام 1376هـ على مستوى الشهادة المتوسطة بقرية عرا ببني ظبيان ، وعام 1378هـ تم افتتاح معهد المعلمين في ببلجرشي ، ثم في عام 1380هـ افتتح معهد المعلمين في الظفير والأطاولة ، وفي عام 1390هـ افتتح معهد إعداد المعلمين الثانوي بالباحة ، وقد استطاعت هذه المعاهد تخريج المعلمين لمختلف المراحل الدراسية وزاد عدد منهم عن حاجة المنطقة مما أدى إلى إرسالهم إلى مناطق المملكة الأخرى ، وبذلك تكون منطقة الباحة قد ساهمت بصورة مباشرة في سعودة التعليم خاصة وأن التعليم الابتدائي قد تمت سعودته في المنطقة بنسبة (100%) في العام الدراسي 1397هـ/1398هـ وكانت بذلك المنطقة الأولى في المملكة التي تحقق هذا الإنجاز.