خذوا هذه المعلومة: معظم الشركات الآن تُسوّق منتجاتها للأطفال! هذه من الحقائق المُزعجة التي كشفها كتاب «أمة الطعام السريع». في السابق لم يكن هناك إلا القليل ممن يفعل ذلك: ديزني، شركات الألعاب والحلوى، إلخ. أما الآن فالأطفال مستهدَفون من قِبل شركات النفط والهاتف والسيارات والملابس وغيرها، وأبرزها المطاعم السريعة. قد تتساءل: «لماذا والأطفال لا مال لديهم؟»، وهناك هدفان: أن يلحّوا على آبائهم ليشتروا لهم الطعام السريع وذلك بعد أن رَسّخت المطاعم مأكولاتها في عقل الطفل بالدعايات في كل مكان كما يُطرق المسمار في الخشبة بالضرب المتتابع، حتى إنهم يسمّون الطفل «البائع الوسيط» لأنه هو حلقة الوصل بين الشركة والأهل.
أما الهدف الخبيث بعيد المدى فهو صُنع الولاء. الكثير من الشركات الآن لديها ما يُسمى بحملات «المَهد إلى اللحد» الإعلامية لتحويل الشخص إلى مستهلك منذ طفولته حتى نهاية عمره، ويستثمرون في الأطفال ليشتروا لاحقاً بعد أن ينشأوا على حب منتجاتهم.
تَصرِف المطاعم السريعة أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً على الدعايات، وهدفهم أن يبنوا ما يسمَّى «الولاء للماركة» والتي تبدأ منذ الثانية في العمر، بل وجد الباحثون أن الصغار يستطيعون تمييز الماركات الشهيرة قبل أن يميزوا أسماءهم. المطاعم ترسل خبراء نفسيين لفروعها ليدرسوا الأطفال ومن ثم «يفصّلون» الدعايات لتتناسب مع نفسياتهم. هذه الدراسات بالغة الدقة وفيها تفاصيل لا تخطر على بال. مثلاً، وجدوا أن الأطفال منذ نشأتهم وإلى سن السادسة تتكون80% من أحلامهم من حيوانات، لهذا يسوّقون لهم الدُمى الحيوانية.
ما أهمية هذه المعلومات؟ إن السمنة هي القاتل الثاني في أمريكا بعد التدخين. على مر السنين زادت المطاعم أحجام وجباتها بدون زيادات كبيرة في الأسعار لجذب الناس، حتى إنهم إذا أضافوا طبقاً صحياً فإنه يفشل لأن الناس الآن تعودوا على الأكل الضار، فالطعام الدسم يَصعُب ترْكُه إذا نشأ عليه الإنسان. يقول مركز مكافحة الأمراض (وكالة حكومية أمريكية) إن أكثر من 280 ألف أمريكي يموتون سنوياً كنتيجة مباشرة للسمنة، فإذا أضيف للسمنة الطعام السريع فهذا يسبب مرض القلب وسرطان القولون والثدي والمعدة، والسكر، وتصلب المفاصل، وارتفاع ضغط الدم والعقم والجلطة، وهذا كله ليس للكبار فقط بل حتى الأطفال الأمريكان السمان يموتون الآن بالأزمات القلبية. أطفال من السادسة إلى العاشرة! ونوبات قلبية! كيف هذا؟ إنه الطعام السريع الأمريكي المدمر. ولأن هذه المطاعم منتشرة حول العالم الآن فقد بدأ وباء الأمراض والسمنة ينتشران حول العالم، فمثلاً ليست مصادفة أنه بين عامي 1984م و1993م تضاعف عدد المطاعم في بريطانيا وفي نفس الفترة تضاعفت نسبة السمنة. في الصين زاد عدد المراهقين السمينين 3 مرات عما كانوا عليه منذ10 سنين. الطعام الياباني من أصحّ الأطعمة لأنه قائم على السمك والخضار، والآن بدأوا يتركونه ويتجهون للطعام السريع، فافتُتِح أول فرع لأشهر مطعم سريع شعاره أصفر وأحمر عام 1971م ومنذ ذاك وعدد المطاعم يزيد ورافق ذلك زيادة في سمنة الأطفال اليابانيين، هذا في بلد لا يكاد يعرف سمنة حتى للكبار! أما الآن فثلث اليابانيين في الثلاثينات من العمر أوزانهم زائدة. يتوقع الخبراء زيادة الوفيات اليابانية في السنين القادمة بأمراض القلب والسكر وسرطان القولون والثدي كما حصل لليابانيين الذين هاجروا لأمريكا واعتنقوا ثقافة الغذاء الأمريكي السريع.
وجدت إحصائية أُجريت في الاتحاد الأوروبي أن 95% من الإعلانات الغذائية شجعت الأطفال على أكل أطعمة مشبَّعة بالسكاكر والدهون، وأبرزها المطعم الأصفر والأحمر - الذي لا يتوقف عن استهداف الأطفال في كل بلدان العالم بما في ذلك بلدنا-، وبدأوا يدركون خطورة هذا الوباء الذي اسمه «المطاعم السريعة» فصاروا يمنعون الدعايات الموجهة للأطفال، وحصل هذا في السويد، وتبعتهم دول أخرى كالدنمارك والنرويج والنمسا وهولندا واليونان.
إذاً، احذروا على أطفالكم. السمنة صعب علاجها، ويقول الخبراء إن أفضل طريقة لمكافحتها هي الوقاية وليس العلاج، وهذه النصيحة التي أوجهها لكم ولنا جميعاً، فانتبهوا من هذه المطاعم على أطفالكم وعوِّدوهم على أكل المنزل النظيف الصحي، وإلا كبروا وأدمنوا هذا الضرر، وقانا الله جميعاً شره.