|
الجزيرة - عبدالله العثمان:
أعلن البنك الفدرالي الأمريكي أنه سيبدأ بشراء السندات المدعومة بالرهونات العقارية بقيمة 40 مليار دولار شهرياً، ولم يحدد البنك وقتاً لانتهاء العمل بالبرنامج الجديد، وذلك لدعم عجلة التعافي والانتعاش المتعثرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأكد البنك على أنه سيواصل العمل ببرنامج «عملية تويست «وبذلك يكون قد أعاد إحياء سياسة التخفيف الكمي (التيسير الكمي) بـ 40 مليار دولار أمريكي شهرياً على أن يقوم بتوسيع البرنامج في حال استمرار الضعف في قطاع العمل الأمريكي.
في غضون ذلك استعجل مختصون بحث هذا الملف على مستوى مجلس الشورى والمجلس الاقتصادي الأعلى لطرح إجراءات احترازية للتأثيرات المحتملة لهذا القرار على العملة المحلية.
وقال الاقتصادي سهيل الدراج بأن ارتباط الريال بالدولار الأمريكي يوجب النظر باهتمام إلى السياسات النقدية التي تتخذها الولايات المتحدة، لأن هذا الوضع حتما ستؤثر على الريال بشكل مباشر أو غير مباشر في الأجل القصير أو الطويل، وهذا التأثير سيطال المستهلك المحلي والشركات السعودية بدرجات متفاوتة.
ونوه الدراج بأن البنوك المركزية تلجأ إلى استخدام السياسة النقدية للتحكم في عرض النقود من خلال أسعار الفائدة ومن خلال شراء وبيع السندات في السوق المفتوحة، ومجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي استخدم خفض أسعار الفائدة بشكل مفرط إلى مستويات اقتربت من الصفر مما جعل التحكم في عرض النقود من خلال هذه الأداة غير فعالاً، لذا لجأ إلى عمليات السوق المفتوحة من خلال خطة التحفيز الكمي الأولى والثانية،مضيفا بأن هذه الإجراءات لم تؤتِ أكلها وتحقق أهدافها على مدار 4 سنوات بعد ما عرف بأزمة الرهن العقاري الأمريكية والأزمة المالية العالمية .
وبين الدراج بأن الدولار الأمريكي أمام هذا الواقع وهذه الإجراءات سيتراجع بشكل كبير وسيعزز ذلك تنشيط الصادرات الأمريكية وبدون أدنى شك سيرفع معدلات التضخم في الولايات المتحدة بشكل طفيف كون الاقتصاد الأمريكي لم يعانى من ضغوط تضخمية على مدار الأربع سنوات الماضية، ليحصد صانع القرار الأمريكي نموا اقتصاديا يسهم في خلق وظائف.
أما بالنسبة للمملكة والتي تربط عملتها بالدولار الأمريكي فسيكون الوضع مختلفا فانخفاض الدولار سيساهم في رفع وتيرة التضخم التي ما لبثت أن استقرت وبدأت في التراجع، فالتضخم سيتحرك بفعل أربعة محاور رئيسية قوية، الأول هو تسارع وتعاظم الإنفاق الحكومي خلال السنوات الماضية والذي بلغ ذروته هذا العام، والمحور الثاني هو ارتفاع أسعار العقارات السكنية بالمملكة بشكل متصاعد، والمحور الثالث ارتفاع أسعار الغذاء بفعل عوامل دولية، والمحور الرابع الذي سيرفع أسعار الواردات دون استثناء سواء كانت غذائية او غير غذائية هو انخفاض سعر صرف الدولار وبالتالي انخفاض سعر صرف الريال أمام العملات الأخرى. مؤكدا في نفس الوقت بأن المستهلك سيكون في ورطة. وأضاف دراج: أما الشركات السعودية التي تصدر للخارج كالبتروكيماويات فستستفيد من انخفاض سعر صرف الدولار بزيادة تنافسيتها الدولية لكن من جهة أخرى ستواجه تباطؤ الطلب العالمي. كما أن ارتفاع التضخم سيساهم في ارتفاع أسعار الذهب والعقارات كونها تعتبر ملاذات آمنة تلجأ إليها رؤوس الأموال في حالات التضخم. ودعا الدراج صانع القرار في المملكة إلى وضع جميع السيناريوهات الممكنة في هذه الفترة للتعامل مع التضخم المتوقع حدوثه والذي ربما يسجل أرقاما قياسية غير مسبوقة نظرا للمحاور الأربعة التي تحرك التضخم .
فيما أكد المحلل الاقتصادي صلاح خاشقجي بأن التيسير الكمي سيؤدي لا محالة إلى انخفاض القوة الشرائية للدولار,وسيقوم المضاربين في أسواق المال بدورهم برفع أسعار السلع،مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط تلقائيا. وأضاف خاشقجي بأن عدم تقييد فترة التيسير الكمي يعطي القيد مساحة أكبر فقط،فهي مقيدة بـ 40 مليار دولار شهريا،وتشير التقديرات إلى أن إجمالي مبلغ جولة التيسير الكمي الثالثة يتراوح مابين 500 و 700 مليار دولار،منوها بان جل احتياطات المملكة مستثمرة في أدوات دين أمريكية حكومية منخفضة المخاطر وان التيسير الكمي يفقد هذه الاستثمارات قيمتها . وتساءل خاشقجي قائلا: هل هذا الارتفاع سيكون بنفس قيمة ارتفاع السلع؟ مضيفا إن كان كذلك فخسارتنا تنحصر في انخفاض القوة الشرائية للريال،أما إن لم يكن كذلك ولم يواكب سعر النفط ارتفاع السلع (لأسباب سياسية وبحجة ضرورة العمل على الاقتصاد العالمي )فان الخسارة ستكون مضاعفة. وأشار خاشقجي إلى أن انخفاض القيمة الشرائية سيرفع قيمة الواردات،أما بالنسبة للصادرات ستصبح أكثر جاذبية وخصوصا البتروكيماوية منها،منوها إلى أن النفط خارج المعادلة مع أن سعره يميل للارتفاع،ودعا خاشقجي إلى أن أفضل طرق التعامل مع هذه الجولة هو في تنويع القاعدة الاقتصادية بعيدا عن النفط وتخفيض الواردات عن طريق التصنيع المحلي .
من جهته قال رئيس مركز تنمية الصادرات الدكتور عبدالرحمن الزامل بأن هذا القرار وتبعاته لعله إنذارا للمسئولين عن اقتصادنا الوطني، وإن التكاليف المتوقعة وزيادتها في أسواقنا أمر محسوم حتى لا يُلام رجال الأعمال فقط عن ارتفاع الأسعار المستقبلية ويتهرب المسئولين عن وضع حلول واضحة لمواجهتها. مشددا على كل أعضاء المجلس الاقتصادي وأعضاء مجلس الشورى أن يطرحوا هذا الموضوع على طاولة المناقشة بأسرع وقت.