يتقيّد الطلبة في صفوف الدراسة بجدول يومي بمعدل سبع حصص، لها وقت تبدأ فيه ووقت تنتهي فيه، لذا فإن مواعيد المدرسة معروفة، وعندما يتم الانتقال إلى الصفوف الجامعية، فإن المواعيد تتغير، ويكون اليوم الدراسي بحسب جدول المحاضرات، هذا لأنها المرحلة التي ينتقل فيها الطلبة إلى النضج والمسؤولية، بعد رحلة طويلة من الوصاية المدرسية. لذا فإن الطالب الجامعي يكون مسؤولا عن نفسه وعن مواده وعن كل متطلباته، عكس المرحلة السابقة التي يجد فيها من المعلم كل أنواع الوصاية، ومن الأمور التي تتغير فيها حياة الطالب الجامعية أنه في مرحلة أكثر حرية وهذه الحرية لا يُمكن أن تتعارض مع الانضباط، لأنه في حالة عدم الانضباط سيكون هو الخاسر الأول والأخير.. من هذا المُنطلق تبقى أبواب الجامعة مفتوحة للداخل والخارج، وهذا هو الأمر الطبيعي في كل جامعات العالم، في حين تكون أبواب جامعات البنات لدينا موصدة، فالطالب الجامعي الذي لديه محاضرة من الثامنة إلى العاشرة، من حقه أن ينتهي منها ويخرج أما الطالبة ولأنها «فتاة» فهذا الأمر ليس من حقها مطلقاً، وعليها أن تأتي بخطاب موافقة من ولي أمرها حتى لو كانت متزوجة، وهذا القانون -غير المنصف- مأخوذ عن باب الشك في الفتاة، ومن مدخل ذوي الفكر الذي يتجه دوما إلى الشك والريبة بهذه الفتاة التي قد تأتي بالعار لأهلها في أي وقت، مع أننا كل يوم نسمع عن قضايا وحالات انحراف تحدث رغم الأبواب الموصدة!
هذا القانون الذي يُطبق على طالبات الجامعات السعودية، ولا يُطبق على الأبناء، كان بالإمكان تعديله بما لا يجرح مشاعر الفتاة وتذكيرها كل يوم بأنها العار الذي نخافه، وذلك بترك الأمور طبيعية وتحميل الطالبة مسؤولية نفسها دون منعها بقفل الأبواب إلى موعد الدوام الرسمي الساعة الثانية عشر ظهراً، ويُترك هذا القرار للطالبات وأهاليهن، بحيث أن الطالبة التي يشك فيها أهلها ويخشون أن تأتيهم بالعار لو خرجت قبل الدوام الرسمي، فإن ولي أمرها يتقدم بخطاب لمنعها من الخروج، وتوضع قائمة بأسماء هؤلاء الفتيات تُعمم على مسؤولات بوابات الجامعة من خلال الحاسب الآلي، أما أن يكون هذا النظام ساري على الجميع فهو مؤلم للغاية، ومؤلم أكثر لبناتنا من خلال النظرة الدونية لهن. أما الاقتراح الثاني، فهو أن يسري هذا القانون على البنين والبنات، ويكون قانونا للجميع دون تمييز، فمثل ما تُغلق بوابات البنات تُغلق بوابات البنين، وبذلك لن تشعر الفتاة بهذا العار المخزي، من خلال أنظمة لم تفكر مطلقا بالجوانب النفسية والإنسانية لهذه الفتاة!
الفتاة الجامعية ليست بحاجة إلى وصاية، فإن لم تتحمل مسؤولية نفسها وسمعتها، وتُثمن ثقة أهلها بها، فإنها ستنحدر إلى الخطأ هي أو غيرها دون مبالاة، وها هي الأخطاء تحدث من خلف الأسوار.. إذ إن التعامل مع أي إنسان بنظرة شك دائمة، وتحفيز هذه النظرة في المجتمع من خلال أنظمة عنصرية مجحفة، سيكون أحد أسباب الانجراف إلى الخطأ، لأن الأوضاع إذا عولجت بشكل طبيعي دون توجس أو تخوف أو شك بالطرف الآخر، فإن نتائجها ستكون أجمل وأنبل من أي شكوك!
www.salmogren.net