دخل المسجد، توضأ وصلى مع الجماعة وانتظر إلى أن خرج كل المصلين.. توجه لإمام المسجد، ودون تحية بادره بالسؤال:
ما رأيك يا شيخ في جائع يشرف على الهلاك، صبر طويلا ولم يعد يحتمل الجوع أكثر لكنه لم يجد لقمة حلالا يسد بها رمقه.. هل يستسلم للموت أم يسرق تفاحة ليعيش؟
تفحصه الإمام بريبة، وهو يبحث عن بصمات الجوع التي لم يجد لها أثرا في ملامح وجهه، وقال له بهدوء:
السلام عليكم يا ولدي.. تفضل.. اجلس أولا..
هل تعرف هذا الجائع؟
نعم يا شيخ.. إنه أنا
ألا تعمل؟
أنا طالب جامعي
وأين تسكن؟
مع أهلي
أليس لكم معيل؟
الحمد لله، والدي موظف متقاعد.. مستورين والحمد لله
امتلأ وجه الإمام بالدهشة، هم أن يطلب من السائل أن يعيد سؤاله.. لكنه بقي مشدوها يقلب النظر في وجهه..
خفض الشاب بصره، وأضاف:
ما بي ليس جوع البطن يا شيخ...
توقفت كل الكلمات في حلقه، ندم على مجيئه إلى هنا، تمنى لو تنشق الأرض لتبتلعه.. شعر بحرج رهيب
تنحنح الإمام، اعتدل في جلسته، وقال بصوت وقور: عليك بالصيام، فإنه لك وجاء.