مركز الحوار الوطني، ومن خلال قنوات تواصله الاجتماعي هو إحدى النوافذ التي أطلت منها (هيئة مكافحة الفساد) على هموم المواطن، على خبايا نفسه المكنونة. على هاجسه وأولويات حياته، من خلال منبر الحوار حققت (نزاهة) بعضا من أهدافها.
بطبيعة الحال، هناك أطروحات جوفاء، تنم عن ضحالة التفكير عند البعض، لكن ذلك لا يقارن بالطرح العميق، والإشارات، والإماءات الرائعة المستقصية التي تلفت نظر المسؤول، وتبين له -إن غفل، أو تغافل- جادة الصواب. تعينه على اتقاء نزوات نفسه، ودروب مهالكها. تصرفه عن أطماعها غير المحدودة على متع الدنيا الزائلة. (نزاهة)، همست -من خلال حوارها- بهدوء، وحكمة، وحنكة، ورويّة، لأنها تنطلق في فكرة هذا اللقاءات والحوارات المكثفة من الأهداف السامية، والغايات النبيلة من إنشائها، ومن مضامين إستراتيجيتها، والجميع يعي ويدرك أن هذه المؤسسة للوطن والمواطن، ولهذا ليس من الغريب أن تكون لوائحها التنظيمية، واتجاهات الرأي العام، ونبض الشارع هي الموجهة لعملها، وليس من الغريب أن تقيّم مواقفها وأعمالها انطلاقاً من هذه المعطيات. قد تمضي السنة، والسنتين، وهي تضرب على وتر تثقيف المجتمع وتوعيته، لتبرئ الذمة، وتقيم الحجة.
* من الطبيعي أن تكون المقابلات مع أي مسؤول يهمه ما يطرح، أو يثار، أن يركّز على تصحيح المفاهيم، على ما ندّ، أو فات، أو التبس في ذهن المواطن؛ أو جلاء سؤال غامض، أو فكرة لم تطرق، أو مسار انتهجه هو بمؤسسته، ويحتاج إلى مراجعة وتأمل، أو إعادة تخطيط لها، على ضوء المؤشرات التي نقلها المواطن من خلال قناة (حوارات)، وأوردها بكل تجرد، ودون محاباة، أو تحفّظ، بوصف الشفافية والوضوح والمكاشفة أحد المبادئ والقيم التي تتبناها (نزاهة)، وبنت عليها رؤيتها ورسالتها، وبوصفها كذلك تحارب وعود المسؤولين، وتصريحاتهم المخدرة، وتريد أن تكون القدوة والمثل المنشود في هذا السلوك.
* القارئ للأسئلة الموجهة إلى (نزاهة) يُستشف من معظمها ثقة المواطن بهذه المؤسسة، وتفاؤله بدورها، وتطلعه أن تقود هذه (الهيئة) الجهات الرقابية الأخرى، المرتبطة بمؤسسات الدولة، لا أن تكون نسخة منها. تقودها إلى مستوى متقدم من الممارسات العملية في الحد من المخالفات والتجاوزات المقصودة، وغير المقصودة.
* نلحظ من خلال الأطروحات، كيف استحوذت المطالبات بتحقيق أسس العدالة والمساواة بين فئات المجتمع، كيف استحوذت (المشروعات التنموية) على أصوات المواطن. وأمسى يؤلمه أشد الإيلام الهدر الكبير، والاستنزاف المالي للموارد. يؤلمه إسناد المشروعات لغير المؤهلين، أو من يستحقون حقيقة أن ينافسوا عليها وتسند لهم. يؤسفه أشد الأسف أن تبقى، وقد رصدت لها الملايين، السنتين، والثلاث، والأربع، دون حسيب، أو رقيب، يمتعض أشد الامتعاض، وهو يرى جهد بعض المخلصين من رجالات مدينته، ومحافظته، وقريته، وهم يقفون على أعتاب مكاتب الوزراء والمسؤولين، يستجدونهم في أبسط حقوق المواطن، يؤسفه أن يرى الجهد في ذلك المشروع، وقد تحوّل فيما بعد إلى أشبه ما يكون بالأطلال القديمة التي تستوقفك ذكرياتها. أين الوطنية من الوجدان؟.. أين نحن من قيم الدين الذي نتزيّ بها، ونعتزّ بها؟ كم يشعر المواطن بالقلق والأسى، وهو يشاهد طرقاته التي يسلكها، منتزهاته التي يؤمها بصحبة عائلته في إجازته، يشاهدها بصورة مزرية، تسيء لواجهة تلك المدينة الجميلة، أو المحافظة الحالمة.
* من نافذة الحوار، أطلّ المسؤول على الأمن الوظيفي الذي ينشده المواطن، على هاجس (السكن) الذي ظل في عصرنا الحاضر مجرد أحلام تداعب مخيلته. كيف نشأت الأزمة، وما الذي زاد من تأزيمها؟ وما السبيل الأمثل، للتخفيف من ارتفاع الأسعار. وكيف لجيل المستقبل أن يتجاوزها؟ كيف للوطن أن يتجاوز آثارها؟.
* من نافذة (الحوار) مع (نزاهة) يريد المواطن الخطط المرسومة لمحاربة غلاء الأسعار، والجشع من التجار.. يريد أن يسأل، ولماذا تضخّم الإنفاق بهذه الصورة؟ يسأل، ويتمنى الإجابة. متى يتم تطوير الإجراءات المالية والإدارية لنظام المنافسات والمناقصات الحكومية؟.
* من نافذة (الحوار)، يتساءل المواطن، كيف نحقق التنمية المتوازنة بين مناطق مملكتنا الغالية؟ كيف نمكن أبناء الوطن من بناء وطنهم قبل تلك العمالة الوافدة السائبة التي لا يخضع بعضها لمراقبة، أو محاسبة، أو تنظيم.
* مركز الحوار بالتعاون مع (نزاهة) حاولا استثارة الإحساس بالفساد وخطورته، وأبعاده السلبية، ولاشك أن المسؤولين في هاتين المؤسستين يدركون كل الإدراك، ويستشعرون أن المواطن السعودي يستحق أن تباهي به الدولة غيرها من مواطني العالم، في ابتعاده عن الشبه، لكن ذلك من باب التذكير، الذي ندبنا الإسلام إلى طرقه. مركز الحوار بالتعاون مع (نزاهة) يستطيعون -وبكل ثقة- أن يراهنوا المجتمع، ويكسبوا الرهان في سد المنافذ القديمة التي ولج منها الفساد، وربما كان برهاني على ذلك تلك القضايا التي أعلن عنها.. والتاريخ، وليس الانطباعات هو الذي يحكم على مفاصل التغيير في سلوك البشر، وأداء المؤسسات بكل كفاءة، وعلى مستوى عالٍ من المهنية والجودة.
(نافذة)
يقول الشاعر:
وكم على الأرض من خضراء مورقةٌ
وليس يرجمُ إلا ما به ثمرُ
dr_alawees@hotmail.com