تحل علينا الذكرى الثانية والثمانون لليوم الوطني لهذه البلاد المباركة، وفيها تتجدد ذكرى الوحدة والبناء والتماسك والعطاء في بلد وهبه الله من الخصوصيات ما لا يوجد في سائر البلدان. إن المواطن السعودي ليشعر بأنه ينتمي إلى بلد هبط فيه الوحي، ومنه شعت الرسالة، وإليه يأرز الإسلام، وهو حين يعيش فرحة الاحتفاء باليوم الوطني فإنه يستذكر بكثير من الفخر والاعتزاز كل تلك المعاني والذكريات, كما يستذكر اليوم الذي تم فيه إعلان اسم المملكة العربية السعودية عام 1351هـ، وتوحيد البلاد السعودية تحت راية واحدة، ودخول القبائل والأفراد تحت حكم مركزي واحد، وهذا مما يزيد من حماسة الجميع لإعادة تجسيد الوحدة الوطنية، ونبذ الفرقة والكراهية، والحفاظ على المكتسبات التي بنتها الدولة طيلة الحقب الماضية، والدفع بأبناء هذا الوطن نحو مزيد من التماسك والتعاون والبذل من أجل الوصول إلى غد مشرق ومستقبل واعد، يعيش فيه الجميع بأمان وسلام.
إن المتأمل للنقلات النوعية التي تخطوها المملكة العربية السعودية ليجد أنها تسير وفق خط تصاعدي في جميع الاتجاهات؛ فهي حين انتهت من مرحلة التأسيس على يد الملك المؤسس - يرحمه الله - صارت تخطو خطوات حثيثة في سبيل التطوير والبناء وإرساء المقومات الأساسية للدولة الحديثة، وهذا ما نراه واقعاً ملموساً في ظلال هذه الدولة المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - يحفظهما الله - اللذين هما امتداد طبيعي للحكم الرشيد الذي شيد صرحه الملك المؤسس، وتلقى الراية من بعده أبناؤه الملوك (سعود وفيصل وخالد وفهد - يرحمهم الله جميعاً) حتى صار حضور المملكة في المشهد السياسي له ثقله وأهميته، كما أصبح حضورها في المجال الاقتصادي مهماً وفاعلاً؛ حيث تقع ضمن قائمة مجموعة العشرين في ترتيب التنافسية الدولي، وتقع في مقدمة الدول المهمة على خارطة الاقتصاد العالمي، وهذا يدل على حكمة السياسة والاقتصادية التي تخطوها في سبيل بناء الدولة ورفاهية المواطن. كما أن المملكة تخطو خطوات متقدمة في سبيل بناء الإنسان، ويكفي أن أشير إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي؛ إذ تتصدر المملكة كل دول العالم في نسبة الابتعاث الخارجي بمعدل مبتعث واحد لكل مئتي فرد، وهذا ما سيؤول بالنفع على الجميع حين تعود هذه العقول التي تعلمت وتدربت في أرقى جامعات العالم متسلحة بالتجارب الناجحة والشهادات العالية لتساهم في البناء والتطوير. إننا ونحن نعيش هذه المناسبة الوطنية المهمة لنحمد الله - جل وعلا - أن منح هذا الوطن العزيز طمأنينة في الأنفس، وهدوءاً في الأوضاع، وأماناً في القلوب، في ظل أمواج التغيير التي تعصف بالعديد من المجتمعات في هذه الأيام، وليس علينا ونحن نعيش في ظل هذا البلد الأمين إلا أن نحمد الله ونشكره، وأن نلتفت إلى خدمته وبذل الجهود لعزته، والمحافظة على مكتسباته؛ للوصول به إلى أعلى درجات العزة والتقدم والنجاح. والله الهادي إلى سواء السبيل.
مدير جامعة القصيم