|
مع إشراقة كل شمس تشع بنورها عطراً وبهجة على بلادنا بذكرى أيامها المجيدة، التي يختصرها مثل هذا اليوم، ترتسم في الآفاق معالم المجد والنهضة وتتلألأ صور الملحمة التنموية والبناء الذي خرج من أعماق التاريخ نحو فضاء الحاضر مزيناً بأبهى الحلل ومكللاً بتلك السواعد التي بنته عبر مراحل وأجيال مختلفة، بدءاً بصور تلك الذاكرة التي سطّر أبعادها الموحد الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، لتكون إشراقة دائمة تذيب ظلام الجهل وتنير الطريق نحو مستقبل يسعى الجميع إلى جعله مع الحاضر والماضي وحدة تشع نوراً وتسجل بمداد الفخر أجمل المعاني، فهي صورة ذلك العمل الدؤوب الذي انطلق ذات ليلة يزيل عن هذا الكيان كل ملامح الفرقة ويذيب كل العقبات، ليكون له في كيان الأمم حضور يفخر به كل أبنائه ويسعد به كل قلب يتضرع دوماً إلى الله أن يحفظ هذه البلاد وأن يديم عليها خيره ونعمه.
ولعلنا في مقام هذا اليوم المعطر بأريج هذا التاريخ وسجلاته ومعانيه، نجد أنفسنا أمام لحظة تفرض علينا أن نستعيد ونستقرئ ملامح هذا النماء الذي تشكَّل استلهاماً لروح العطاء والبذل، منذ قيام هذه الدولة - أعزها الله - وحتى هذا اليوم، ونجدنا مع كل صفحة تطوى من صفحات التنمية أمام صفحة أخرى تحمل بين ثناياها عزماً جديداً وفكراً ثابتاً نحو تحقيق ما يتطلع إليه أبناؤها، وما تسعى إلى أن تكون عليه في طريق بناء الإنسان من جهة وتنمية مدخرات هذا الوطن وبناء تفاصيله من جهة أخرى، سواءً فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية أو التنمية البشرية أو التنمية العلمية أو الثقافية والفكرية أو الاجتماعية، فلقد لاقت كل هذه المستويات من قيادات هذه البلاد، منذ تأسيسه، الاهتمام الكبير والعمل المتميز، حتى أصبحت ركناً من أركان نهوضه ووجوده واستمراره، مشعاً بالخير، حافلاً بالإنجاز، وحينما يكون الحديث عن التعليم وخصوصاً التعليم العالي محوراً لحديثنا عن يومنا الوطني المجيد نرى في هذه الأيام وما مضى من أيام حالة من التدفق التي وضعت في الحسبان كل عناصر العلم والمعرفة وفتحت مسار الإنجاز، لتكون العملية التعليمية الهادفة لبناء الإنسان وتنميته حجر الزاوية في نقل هذه العملية في كل عام إلى مستوى أرقى وأفضل وجعلها متطلعة إلى المزيد من التشبع بأفضل وسائل التطور وأعمق أفكار الإنجاز لتواكب ما يسير به العالم من حولها مواكبة جادة وحريصة على تحقيق أهداف تضع خدمة الدين نصب عينيها وخدمة البلاد ووحدتها أيضاً، وجعل الإنسان باهتماماته وحاجاته وتطلعاتها ركيزتها الأساسية، فلقد مرّ التعليم العالي بمراحل قفز بها قفزات نوعية عالية المستوى والجودة، سواءً من خلال رعاة مشاريعه البحثية والأكاديمية ودعمها أو من خلال توفير بيئة تعليمية وضعت ظلالها على كل نواحي الوطن وأوجدت في كل زاوية من زواياه شجرة يستظل بها ويحقق في ظلالها أحلامه، متمسكاً برؤى ثاقبة ورسالة لم تضع لوجودها حدوداً ولم تترك فرصة إلا استغلتها ليكون التعليم العالي بمؤسساته المختلفة أنموذجاً يُحتذى به وطريقاً يحرض على السير الدائم في سبيل النجاح والتألق.
فكان انتشار الجامعات وتعمير المدن الجامعية التي لقيت في هذا العهد الزاخر، عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، يحفظهما الله، اهتماماً بالغاً وحضوراً مشرقاً بالمزيد من التميز الأمر الذي يدفعنا إلى تسميته بعهد العلم والمعرفة والذي يجسده أيضاً إنشاء مدن المعرفة ومؤسسات التقنية في الجامعات العالمية والاهتمام ببرامج الابتعاث التي جعلت شباب وفتيات هذا البلد ينخرطون في حالة التدفق هذه، متسلحين بما تركه لهم آباؤهم وأجدادهم من عزيمة وإرادة عميقة تتجلى صورها في هذا اليوم، ويتذكرونها وهم يحملون لواء المعرفة وإرادة المشاركة في تنمية بلادهم، وعلى مستوى ما تحقق من مشاريع تعليمية في جامعة تبوك فلقد أتاح هذا العهد أن تشارك بقية الجامعات في تكوين نواة علمية ومعرفية في منطقة تبوك وهي تستحث الخطى وتستقطب الأفكار رغبة منها في أن تكون جامعة متميزة تعكس حرص هذه القيادة ودعمها لمشاريعها، التي تجاوزت ثلاثة مليارات ريال وما تقدمه لها من تحفيز مستمر للمشاركة محلياً وعالمياً في مشروعات الجودة والتعاون الدولي ومشروعات البحث العلمي والاختراعات، ونرى أن هذا اليوم مناسباً بأن نهدي ما حققته عبر كلية الهندسة من اختراع جديد لنهديه للوطن في يومه هذا.
ونسأل الله في هذه المناسبة أن يديم على الوطن نعمه ووحدته وأن يحفظ له قادته وأبناءه وأن يرسخ أركانه دوماً على نهج الشريعة الإسلامية، والحب الذي هو وقوده في طرق البناء، وأن يحقق تطلعات أبنائه إلى المزيد من الخير والتلاحم والعمل لرفعته.
- مدير جامعة تبوك