|
بمشاعر الفرحة والغبطة والفخر والاعتزاز بدولتنا الغالية الفتية، نحتفي اليوم جميعاً بيوم تأسيس هذه الدولة المباركة على يد الملك المبارك على هذه الأرض المباركة التي أكرمها الله بأقدس الرسالات السماوية وبخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. إن مناسبة اليوم الوطني هي مناسبة نستعيد
فيها أعظم المعاني السامية التي انبثقت عن ملحمة خالدة على كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) على يد الإمام المصلح الموحد الفذ الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله وطيَّب ثراه وأجزل له الثواب - بقدر ما ضحّى وما أعطى وما بذل وجاهد في سبيل الله وفي سبيل تأسيس هذا الكيان الشامخ، المملكة العربية السعودية.
كان - رحمه الله - رجل دين ودولة وتمتع بحكمة ورأي عز نظيرهما ووصايا الملك عبد العزيز هي وصايا الله.. ومن أقواله يرحمه الله: (لا ينفعنا غير الإخلاص في كل شيء، الإخلاص لله بالعبادة، أنا بذمتكم وأنتم بذمتي، أنا منكم وأنتم مني).. وأورث السمات الفذة أبناءه الملوك الميامين الذين ساروا على ثوابته ومنهجه القويم بدءًا من الملك سعود، ثم الملك فيصل، ثم الملك خالد، ثم الملك فهد - رحمهم الله جميعًا - ووصولاً إلى هذا العهد الزاهر الميمون، عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله -.
لقد صنع الملك المؤسس تاريخاً عظيماً متسلحاً بإيمانه وثقته بالله فأعانه الله ونصره.. فلقد جمع الله على يد الملك الموحد شمل هذه البلاد الطاهرة وحقق الأمن الضائع وأدخلنا في عالم مشرق.. وأصبحت المملكة تعيش منعة واقتداراً وعزة وتمكيناً لا مثيل له نفتخر به أمام العالم أجمع.. إن هذه الذكرى العطرة التي تحمل معاني الشرف والمجد والعزيمة تعزز في نفوسنا حب الوطن والولاء له والفخر بالانتماء إليه والامتنان للملك المؤسس الذي تفيض قلوبنا بحبه.. إن من مفاخرنا التي نعتز بها اليوم في وطننا العزيز أننا نملك أعظم نِعم الله سبحانه وتعالى في الأرض، بل إن الله أنعم علينا من النعم ما هي أغلى من كنوز الأرض كافة فبعد توحيد الله.. هناك نعمة: القيادة الحكيمة الرشيدة.. والتي تُعد امتداداً وترسيخاً لمفاهيم عدة تتميز بها تجربة الحكم الحديث في بلادنا منذ أرسى رجل الأمة الملك المؤسس دعائم الدولة السعودية الحديثة.
واليوم تحتفي مملكتنا الغالية باليوم الوطني الأغر، وقد حققت إنجازات تنموية ضخمة في هذا العهد الزاهر.. تميزت باللفتات الإيمانية والإنسانية والمبادرات التاريخية وبدأت بأمر سيدي خادم الحرمين الشريفين بإحداث توسعة تاريخية للحرمين الشريفين حرصاً منه - رعاه الله - على تقديم الخدمات الجليلة لقاصدي الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وامتدت يد الخير لنشهد في هذا العهد الزاهر تدشين عدد من المنجزات التنموية في مختلف مجالات الحياة، حيث أولى خادم الحرمين الشريفين جل اهتمامه لكل ما من شأنه رفاهية الإنسان السعودي وتحقيق كل آماله وتطلعاته.. وفي تعبير واقعي صادق ملموس للُحمة بين الولاة والشعب في وطننا الحبيب, يؤكد أيده الله قائلاً: (ما أنا إلا منكم وأنا خادم لكم، خادم للصغير، خادم للكبير، وأرجو التوفيق من الرب عز وجل، أن يوفقني لما يحبه ويرضاه، لخدمة ديني ووطني وهذا أهم شيء عندي).. فكل لحظة من هذا العهد الزاهي مضاءة بتباشير خير وعطاء عظيم للوطن والمواطن وتمحورت عناوينها حول بناء الإنسان وقدراته، فها هي بلادنا تحقق خلال عهد خادم الحرمين الشريفين نهضة متوازنة وارفة الظلال في الميادين كافة مع عدم مس قيمها وتراثها وأن تتسيد المشهد الإنساني وتتميز عالمياً بأنها وطن التوازن والاتزان في العالم وإشعاعاً للمحبة والسلام.
اليوم وطننا نباهي به العالم ونثبت للحاسدين والمحبين على حد سواء أن وطننا كان وما زال وسيبقى - بإذن الله - وطن التوحيد والرخاء والإنجاز والإنسانية والأمن والأمان والاستقرار.. وهذا كله وأكثر يُوجب على كل مواطن استحضار أمنه ورخائه وترابه في عقله وذهنه ومثله العليا، ولا بد من أن نعمل جميعاً من أجل حماية الوطن ومكتسباته وأن نعض عليه بالنواجذ ونضعه في سويداء عيوننا وقلوبنا.. فكل مواطن عاقل يدرك قيمة نعمة الأمن والأمان والاستقرار التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها على وطننا العزيز والتي تُعتبر من الثوابت التي يجب أن يحافظ عليها ويدافع عنها كل مواطن أينما كان موقعه فالأمن للجميع والوطن للجميع.
في كلمة سيدي خادم الحرمين الشريفين في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الخامسة لمجلس الشورى يقول أيده الله: (إن وحدة هذا الوطن وقوته تفرض علينا مسؤولية جماعية في الذود عنه، في زمن كثرت فيه أطماع الأعداء والحاقدين والعابثين، وهذا يستدعي منا جميعاً يقظة لا غفلة معها، لذلك فدورنا يُضاعف علينا المسؤولية المشتركة بين الجميع كل في موقعه، فالوطن للجميع، ومعيار كل منا على قدر عطائه وإخلاصه لوطن قامت أسسه على دعائم الدين والذود عن حياضه بالنفس والنفيس، ولا نخشى في ذلك لومة لائم، فهذا هو المحك لمعادن أبناء الوطن وكلهم معدن نفيس - بإذن الله - وهو عهدنا بهم).
إن الوطن وديعة نفيسة غالية جداً في قلب كل مواطن.. والوطن يعني الكثير ويؤكد حقائق جمة لا يعيها إلا المواطن المخلص المنغرس في رحم الوطن بكل تفاصيله في عصر معولم باتت - الهوية - فيه أمام واقع جديد طرحته العولمة المعرفية والتكنولوجية، ومن يريد لوطنه كل خير فإن عليه أن يعطي ويعطي ويعطي أكثر ولا يأخذ ولا يفكر أبداً بعطاء الآخرين.
وأختتم بقول المفكر الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري - رحمه الله - الذي كتب أفضل المؤلفات والدراسات الوثائقية عن الملك المؤسس وإنجازاته، يقول الشيخ التويجري: (الملك عبد العزيز لم يدخل التاريخ حتى الآن، ولو دخله، كما هو، لقرأنا شيئاً، قليلاً ما قرأناه في التاريخ كله).
رئاسة الحرس الوطني