في الوقت الذي نتذكر فيه قصة توحيد هذه البلاد، على يد مؤسسها - الملك - عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله -، وإنقاذها من حالة الشتات، والصراع القبلي، والإهمال الإداري؛ لنستذكر فصلا من فصول عشق الوطن،
صنعها رجال زاحموا الأعداء بمناكبهم، ورفعوا راية التوحيد على بوابة المصمك، فإن فئة يبدو أنها لا تستطيع أن تفرق بين الصورة النظرية، التي ترسمها جمالية الاحتفال بهكذا مناسبات، وبين الواقع الذي يفرض التعامل معه؛ من أجل تمتين العلاقة بين المواطن، والوطن، فتطغى - مع الأسف - الانفعالات الشخصية، وتصبح العواطف محركا رئيسا لكثير من التصرفات الطائشة، وردود الأفعال غير المسؤولة.
وعندما يحذر سماحة مفتي عام المملكة - الشيخ - عبد العزيز آل الشيخ - قبل أيام -، “من إثارة الفوضى، والشغب في اليوم الوطني، وإزعاج الناس، - باعتبار - أن اليوم الوطني، هو يوم شكر للنعمة التي منّ الله بها على هذه البلاد بالأمن، والاستقرار، والطمأنينة”، فهي رسالة واضحة الهدف لهؤلاء، بألا يكونوا آلة تخريب، وإفساد، ووسيلة للإتلاف؛ مصادمة الشرع، أو تهديدا للممتلكات العامة، والخاصة. فالأمن هو المكتسب الأهم من مكتسبات الوطن، والحفاظ عليه أولوية في حق الجميع، كونه واجبا - دينيا واجتماعيا وأخلاقيا -.
قد أتفق بعض الشيء مع من يقول: إن مرد تلك السلوكيات الخاطئة، إنما هي أمراض نفسية، يعاني منها هؤلاء الشباب، ناتج عن عدم تحقيق الذات، كما أنه ناتج عن حالة مفرطة من التوتر، والقلق، - وبالتالي - سينتج عنه حالة من انعدام الشعور بالأمن، فتنعكس تلك الاضطرابات النفسية على سلوكيتهم؛ للفت الانتباه. إلا أن تربية الشباب على تقدير الذات، واحترام الآخر، والبيئة، ضرورة دينية، واجتماعية، فنعودهم على ذلك؛ حتى يتولد لديهم الإحساس بالمسؤولية من الحفاظ على المال العام، فبه مصلحة الأمة كاملة. كما أن تفعيل المناهج الدراسية في تنمية الشعور الوطني، والمحافظة على الممتلكات العامة - مطلب مهم -؛ لتنشئة الفرد من النواحي النفسية، والعقلية، والاجتماعية، وتعديل سلوكه - من خلال - ضبط المثيرات، والاستجابات، والآثار الاجتماعية، والاقتصادية التي تترتب على الاعتداء عليها، فإن الحرية تنتهي عند حدود الآخرين.
إن اتساع أفقنا في تذكرنا لهذا اليوم، سيدعونا إلى إعادة النظر في كيفية التعامل مع فئات، تحاول المساس بهذه المكتسبات، وذلك عن طريق المحافظة عليها، واستكمالها بعقولها، وسواعدها، باعتبارها جزءاً من معنى الإصلاح الكبير. ولن يتحقق ذلك إلا بالاهتمام بسلوك الفرد - أولا -، فهو الأنموذج للمستوى العام لوعي المجتمع، فسلوكنا عنوان حضارتنا، وهو انعكاس لتربيتنا، وأخلاقنا الصادرة عن دين يدعو إلى البناء، وعمارة الأرض، ورفض كل صور، وأشكال العنف.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية