في مختلف الدول هناك جمعيات تعاونية تسهم في تخفيف وطأة ارتفاع الأسعار، وتعالج الأوضاع الاقتصادية لمواطنين يشعرون بغلاء الأسعار في أسواق حرة، وليست كما هي عندنا حيث يرفع التاجر الأسعار كما يرغب وبدون رقابة، وفي الدول المتقدمة يحجمون عن الشراء عند ما ترتفع الأسعار ارتفاعا غير معقول، ويبحثون عن مواد أخرى تلبي حاجاتهم ويضطر حينها التاجر للاستجابة.
وهناك غرف التجارة ومؤسسات المجتمع الأهلي تقوم بدورين الأول الإحجام ومتابعة أسباب هذا الارتفاع، والأمر الثاني التوعية والتثقيف، كما أن الجمعيات التعاونية تعد واحدة من أهم الحلول التي تهدف الدول وتحرص على وجودها، كونها تسهم بتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للأسر وتؤدي إلى خلق حالة من التكافل.
في الأشهر الماضية يلاحظ المواطن ارتفاعاً حاداً وغلاء في الأسعار لجميع السلع والمواد الغذائية فاللحوم ارتفعت 100 % والأسماك 200 % والدجاج 50 % وأخذت الأسعار تتزايد بشكل لا يتناسب مع دخل المواطن وخاصة بعض الفئات من ذوي الدخل المحدود، وحماية المستهلك لم تقدم شيئاً يذكر لمعالجة الأمر. وصارت ظاهرة الغلاء وارتفاع أسعار السلع من الأمور المؤثرة في مستوى دخل ومعيشة المواطن.
فيفترض من حماية المستهلك أن لا تسمح بزيادة أسعار أي سلعة قبل الاطلاع على مبررات الزيادة وعليها الإسراع بوضع أنظمة إلكترونية ومراقبة ارتفاع الأسعار إلكترونياً وتزويد المواطن بأسعار السلع الأساسية ووضع بطاقة تعريفية بالمنتج وسعره، وتفعيل نظام تلقي شكاوى المستهلكين وذلك من خلال أجهزة الهواتف الذكية (آي فون وبلاك بيري) بحيث يقوم المستهلك بإرسال صورة للسلعة التي ترتفع أسعارها ويتم إدخال الشكاوى على النظام الإلكتروني ليتم تحويلها إلى حماية المستهلك.
كما على جمعية حماية المستهلك العمل على دمج محلات التموينات مع بعضها البعض في شركة مساهمة يملكها المواطنون، حيث إن اندماجها سيوفر الكثير من الفرص الوظيفية والاستغناء عن العمالة الوافدة، وسوف تكون خطوة إيجابية تخدم المواطنين، فالجمعيات التعاونية تعد أحد الأشكال المستخدمة لضبط الأسواق وتسهم في ترشيد الاستهلاك، إلا أن دورها في المملكة يكاد يكون غائباً وغير فعال في الاقتصاد السعودي، حيث لم نصل إلى هذه الدرجة من التنظيم التي تؤهل مثل هذه الجمعيات وتهتم بشؤون المستهلك، وبالإمكان الاستعانة والتعرف على أنظمة هذه الجمعيات من جيراننا في الكويت وقطر والأردن لأن لديهم الخبرة الكافية في هذا المجال.
ولمعالجة ارتفاع الأسعار يفترض الإسراع بإنشاء الجمعيات التعاونية باعتبارها آلية لتحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي، بغية الوصول لمجتمع متكامل متراحم يتم فيه توفير الخدمات الضرورية لجميع الفئات من المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود، وليس هناك ما يمنع من أن يتم البدء في إنشاء مثل هذه الجمعيات في المدن الرئيسة، وأجزم أن الحكومة ستدعم ذلك وخصوصاً من خلال الدعم المالي الذي تقدمه الدولة للسلع الأساسية ويتحكم فيه التجار حيث لم يساهم في خفض أسعار السلع الأساسية وإنما ذهب لجيوبهم، والتسهيلات في مجال الاستيراد ومنح الأراضي، وإعطاء الأفضلية في التأجير، وتسهيل إجراءات انتشارها في الأحياء والتجمعات السكانية والقرى والمدن خلال الفترة المقبلة وقد وفرت الدولة كافة السبل والدعم اللازم من أجل إنجاح العمل التعاوني في كافة مناطق المملكة.
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية