تمر علينا في هذه الأيام السعيدة الذكرى الثانية والثمانون للم الشمل وتوحيد البلاد وطي صفحة الماضي، والانتقال إلى آفاق جديدة مع قيام دولة مدنية واعدة على يد المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- وجزاه عنا كل خير؛ فلا أحد ينكر أو يتجاهل ما كانت فيه البلاد، وما كان عليه العباد من الفوضى والنزاع في مرحلة كان القوي فيها يأكل الضعيف، وهذا يعتبر جزءً من تاريخ البلاد والذي يدرج ضمن تاريخ الآمة العظيمة ولله في ذلك حكمة بالغة لأولي النهى فمن هذه الصورة القاتمة الألوان والملطخة بدماء الغارات والثارات إلى واقع نعيشه في حب وتلاحم وصفاء وإخاء، لتنتقل البلاد بفضل الله ثم بفضل الملك عبد العزيز الموحد إلى مجتمع متآخٍ متعايش مع بعض في أحسن صورة،مضت السنون بذكرياتها ولا ننسى هذا اليوم البهيج الذي تم فيه فتح الرياض وقد خرج أهالي الرياض يومئذ لتحية أميرهم العائد بعد غياب مهللين مكبرين يحمدون الله ويشكرونه بقلوب يغمرها الفرح والسرور بهذا الفتح العظيم وهذا النصر الكبير.
وبفتح الرياض وتولي عبد العزيز الزعامة أشرقت شمس الحق لتنبئ بظهور زعيم سطع نجمه في سماء نجد يسير بتوفيق الله من نصر إلى نصر شعاره لا اله إلا الله محمد رسول الله، ودستوره القرآن العظيم وسنة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وسلاحه السيف والكلمة ومعه رجال نذروا أنفسهم لنصرة هذا الزعيم الذي أتى حاملا الكتاب والسنة والسيف والكلمة.
وكانت كل هذه الصفات والمميزات من أبرز سمات شخصية الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - بالإضافة لما عرف عنه من التمسك بمبادئ الدين والنخوة والشرف، فوضعه المؤرخون في مصاف القادة العظام من قادة الأمة العربية والإسلامية، وكان حكمه البوابة إلى عصر الرقي والتقدم والرخاء والنظر إلى غد مشرق، بعد أن أضفى بحكمه عباءة الأمن والاستقرار والخير والسلام على هذه المنطقة من العالم.
وتم صدور المرسوم الملكي في 17 جمادى الأولى سنة 1351هـ بتوحيد أجزاء المملكة الحجازية والمملكة النجدية وملحقاتها تحت اسم (المملكة العربية السعودية) ابتداءً من يوم الخميس 21 جمادى الأولى سنة 1351هـ الموافق 22 أيلول (سبتمبر) 1932م.
وتمر علينا ذكرى توحيد المملكة العربية السعودية واحتفالنا هذه الأيام باليوم الوطني بمثابة تذكر واستعراض لنعم الله علينا بأن جعلنا في ظل راية التوحيد أحبةً متآخين في الله نتدارس تحتها ماضينا ونتأمل فيها واقعنا، ونقلب في صفحات التاريخ خلال عقود من الزمن لهذه البلاد العزيزة حتى نصور للأبناء والأجيال الناشئة فضل الله علينا ونعمته بأن جعلنا أحبة متآخين في الله هدفنا واحد ومصيرنا واحد، ونستخلص من صفحات هذا التاريخ الدروس والعبر التي تؤصل للوحدة وتنمي الانتماء للقيادة والوطن، وأن نعمل جميعاً على محاربة كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن أو العبث بمقدراته.