بينما كان يتجوّل في الغابة متأمّلاً سحر الطبيعة وجمالها، وممسكاً، كعادته، بمنظاره الذي لا يكاد يفارق عينيه، موجهاً نظره هنا وهناك، وقعت عيناه على لوحة فنية رائعة أثارت إعجابه ودهشته.
كانت عبارة عن مجموعة من الألوان المخططة السوداء والبنية الداكنة والبيضاء... إلا أنه لم يعرف على وجه التحديد هذا الشيء الذي رآه... حاول، ومنظاره لم يفارق عينيه، أن يبعد الصورة قليلاً، علّ الرؤية تتضح أكثر، فبدت الخطوط والألوان أكثر اتضاحاً واتساقاً، فزاد إعجابه! أبعد الصورة أكثر، فاتضح أن ما يراه إنما هو حيوان بري وعندما أبعدها أكثر، تبيّن أن هذا الحيوان هو نمر قوي البنية بهيّ الطلعة، فزاد إعجابه, أبعد المنظار أكثر، فرأى الدم يسيل من فم النمر، فانتباته حزن وغم شديد عليه وعندها فقط، أبعد المنظار عن عينيه وهمّ راكضاً باتجاه النمر لمساعدته بسبب جروحه، ليفاجأ بالنمر ينهش بجثة إنسان اصطاده للتو، وما آثار الدماء على فم النمر... إلاّ بقايا فريسته!
«هل ما تراه أعيننا للوهلة الأولى يعبّر عن الحقيقة؟»