ليس العنفوان الذي تفاعل به الشباب في يومَيْن للوطن بظاهرة غريبة، وإن تفاقمت أساليبها فهي متشابهة.. إذ عودة إلى حجرات الذاكرة لإخراج صور التفاعل في كل مناسبة رياضية أدت للفوضى، وللتعدي على الآخر، ولتعطيل حركة المرور, بل الاستهتار العام، الذي كان يمس من في داخل العربات، والاكتظاظ، والصخب غير المسؤول، ناهيك عما يحدث أيام الجُمع والإجازات حيث يتجه الناس للفسحة من تزاحم وصهيل أبواق، وعبث بالرمال حتى انعدام الرؤية.. أضف إلى ذلك ظاهرة التفحيط التي أقضت مضاجع الكبار والصغار في الأحياء كلها، وليست وقفاً على مكان دون آخر.. يذهب فيه العديد من العربات الراكنة بجوار بيوت ساكنيها وأبوابها، بل بعض أسوارها ضحية عبث لا مسؤول، كثيراً ما يستيقظ أهلها فيجدوها محطمة، ومنقضة..!!
والشاهد، رجال يعملون كالخلية في متابعتهم، المرور، والأمن بمن فيهم مديرو المرور أنفسهم..
وهم ينسلون كالزئبق، وينتشرون كالجراد، يتحايلون بسلوك ينم عن حاجة للكثير الكثير من الاهتمام المسؤول..
هذه ظواهر كثيرة منتشرة بين أفراد المجتمع، تماثل تماماً ظاهرة الاندلاق على وسائل التواصل، والهدر التعبيري الذي يحدث هناك لا يقل شبهاً، بهذا الذي يحدث في الشوارع..
فكل فرحة أو ترحة أصبح منتظراً أن تكون دافعاً لمثل الذي حدث ويحدث في الشارع, والله أعلم بما تكنه البيوت وتعاني منه الأمهات والآباء..
هذه الظواهر السلوكية غير المنضبطة تكمن فيها دوافع والعديد من الأسباب تبذرها، وترعاها، وتنميها..
هذه الأسباب مسؤول عنها بلا ريب التنشئة والتربية والمؤسسات المعنية، داخل الأسرة, والمدرسة، وفي تخطيط المؤسسات المعنية بحياة الفرد الاجتماعية.. فرعاية الشباب مسؤولة, والشؤون الاجتماعية, وهيئة السياحة، وخُطب الجمعة في المساجد، ووزارة الثقافة بكل وسائلها, بما فيها الإعلام الجديد, وأمانات المدن، والبيئة الوالدية حيث تكون، وأولها وزارة التربية والتعليم..
ألا نربط بين المواقف, ونبحث عن الأسباب، ونتكاتف على الحل، ونؤسس للتعديل في السلوك الذي تأسس, ورسخ، ويمارس سمة غير حميدة للتعبير عن الذات الفردية، والجمعية، ويذهب نحواً بعيداً في قرارة النفس بآثاره المؤلمة.. ليس من الآن، بل عودة إلى ما قبل في مناسبات فرق الرياضة مثلاً كما ألمحت.. حيث توصد الأسر أبوابها عند انتهاء المباريات بين الفرق الكبيرة؟ أو تسرع للعودة إلى بيوتها قبل انقضاض الشارع بدك العربات، وصخب الفرح، والترح..؟
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855